المثل الشعبي المصري العبقري يقول “اللي ملوش كبير يشتري له كبير”. وأنا من بعد ما انقلب العسكر على الرئيس المنتخب صرت “كبيرة نفسي”. أذكر أنني بعد الانقلاب كتبت أنني “رئيسة جمهورية نفسي” حتى عودة الرئيس مرسي وازعم أن الملايين في مصر يرى كل منهم أنه “رئيس جمهورية نفسه” حتى عودة الرئيس مرسي.
وربما كانت هذه الرمزية التي اكتسبها الرئيس مرسي بصموده مع الوقت هي ما اغرى البعض لمحاولة التسابق لنيل تلك المكانة.
بعضهم يحاول انتزاعها مدفوعاً بالطموح في المنصب والبعض الآخر ربما استهواه ما حصده الرئيس مرسي من احترام ورمزية.
أياً ما كان الدافع, فهؤلاء البعض الآن يزينون للناس فكرة المشاركة فيما يسمى بانتخابات 2018. ويبدو أن اللعبة هذه المرة هي تسويق طبق الطعام الذي رفضته في 2013 عن طريق اطباق طعام أخرى لا تختلف في مذاقها الكريه. أو هو من قبيل اجراء قرعة بين اطباق كل منها كريه الرائحة.
والحقيقة أنك لن تجسر على المشاركة في هكذا مهزلة لو امتلك بعض المروءة. لا أحد يعرض الزواج على زوجة اختُطف زوجها ولا أي من أصحاب المروءة يمكنه حتى التفكير في أن يشهد على هكذا زواج.
غير أن البعض استمرأ دور الممثل الراحل حسن البارودي في فيلم الزوجة الثانية حين لعب دور مدير اعمال الشرير الذي يمهد له شره ويخدر ضحيته متنكراً في قناع الورع الزائف. البعض يحاول الآن تقليد حسن البارودي مستعيراً اداءه الصوتي وهو يهمس بكلمات أقرب للفحيح مقترباً من أذن ضحيته قائلاً : امضي يا ابو العلا يا ابني !
ولن تعدم في هذا المشهد من يتصنع التعقل ليسألك وماذا فعلت لاستعادة الرئيس مرسي ؟
والهدف من كل هذا الفحيح الذي سيملأ أذنك هو أن تسقط حصون مقاومتك .. أن تستسلم بعد 4 سنوات من اللا فعل وبعد مبادرات وراء مبادرات تبث فيك المزيد من روح اليأس وتضعضع الصف الثابت من البداية لتفرقه إلى كتلة صغيرة متنافرة يتصارع كل منها مع الأخرى ثم يأتي طوق النجاة الوهمي .. الانتخابات.
لتطأطيء أنت رأسك وتشارك وتبدأ خطوات التطبيع العملي مع الانقلاب.
وربما تصور بعض من يرغبون في المشاركة في تلك المسرحية أن لديهم املاً ما في الفوز بعد 4 سنوات من الفشل .. ربما. لكن النتيجة لن تخرج عن احد احتمالين, اما أن تقرر الدول التي تقف خلف الانقلاب انه حان الوقت لانهاءه (وهذا مرهون بتنفيذ مهامه في اجندة التخريب المكلف بها) واما أن تكون هذه الانتخابات تطبيعاً يحتاج إليه الانقلاب وتسعى الدول التي تقف خلفه لجر الشعب إليه.
وسيبدو مشهد تلك المسرحية التي ينوون عرضها في 2018 كعدد من فاقدي المروءة يتقدمون لعروس جرى اختطافها وتغييب زوجها وكل منهم يعلم أن زوجها مختطف. ومن الوارد جداً أن يعلن مختطف العروس ان العروس رفضتهم جميعاً ووافقت عليه, ليزداد هؤلاء المشاركون صغاراً على صغار, فلا هم حصلوا على اللقب المنشود ولا سيكونوا بعدها بقادرين على الحديث عن رفض الانقلاب بل ان اعلام الانقلاب نفسه لن يخاطبهم بلقب (المرشح الرئاسي السابق) أي انهم كما يقول المثل الشعبي المصري “لن يطولوا بلح الشام ولا عنب اليمن”. بل وربما حصلوا على الترتيب الأخير بعد باطل ليتخذوا لهم مقعداً بجانب حمدين صباحي.
والحقيقة أن المشاركة ليست فقط مقامرة خاسرة بالحسابات السياسية, بل انها بالاضافة إلى ذلك عمل لا أخلاقي لا يملك العاقل ازاءه إلا ان يدير لها ظهره ويقاطعها.