بالأمس كتبت لماذا أتحدث الآن عن قطر وبينت ان دعم قطر للسـ فـ اح البشير هو اعلان عودة قطر للمنظومة الإقليمية وانها عادت جزءا من منظومة التآمر الحكومية (بشكل معلن) على الشعوب مثلها مثل عسكر الانقلاب في مصر ومثل بشار وأردوغان والبشير وابن زايد وابن سلمان وان ضررها اصبح اكبر من نفعها (أول تعليق)
واليوم اتحدث عن لعبة غلق قناة الجزيرة مباشر مصر وسببها.
لعبة غلق الجزيرة مباشر مصر كان من بين ألعاب الاحتواء التي مورست بعد الانقلاب
كانت اللعبة وقتها هي نقل الإخوان المسلمين من قطر إلى تركيا
كانت اللعبة عملية احتواء كبيرة شبيهة بما جرى في ستينات القرن الماضي ولكن بشيء من التطوير.
ففي الستينات كان اللعبة بين عبد الناصر وفيصل فقط أما بعد الانقلاب فكانت اللعبة بين الشاويش السيسي وبين تميم وابن العلقمي في اسطنبول
ومن يلعبون هذه الألعاب يعتمدون على ذاكرة السمكة لدى المشاهد
وسرعان ما تنكشف هذه الألعاب إذا ما احتفظ المشاهد بذاكرته واحتفظ بثوابت سياسية
فقطر التي تحتوي قاعدتين عسكريتين أمريكيتين لا يمكن أن تخرج عن طاعة النظام العالمي وهي مثل اولاد سعود والامارات كلهم حكام معينون برضاء امريكي وموافقة اسرائيلية
وكذلك تركيا التي يحاول محللو بير السلم إقناع الناس انها مهددة .. كل حكام هذه الدويلات (مصر وسوريا والامارات وأسرة أولاد سعود وقطر وتركيا والعراق وغيرها) هم جوار في حرملك النظام العالمي ولا يخرجون عن طاعته .. فقط يتم توزيع الأدوار عليهم من وقت لآخر لتحقيق هدف ما.
وما يحدث اليوم شبيه بما كان يحدث في عهد عبد الناصر
(كان بن غوريون يهنيء ضباط انقلاب السي آي إيه بانقلابهم على فاروق وكان عبد الناصر يرسل مبعوثه الى بن جوريون وكانت العلاقة بين ضباط الانقلاب وبين أمريكا طيبة للغاية ثم فجأة وجد المشاهد, حرب تندلع بين مصر واسرائيل ووجد عبد الناصر يدعي انه عدو لإسرائيل !!)
والمشاهد الذي يحتفظ بذاكرته وبالكثير من عقله سيفهم أنه من المستحيل تصديق ما قالته قطر وقت غلق قناة الجزيرة مباشر مصر.
فأولاد سعود يستحيل ان يضغطوا على قطر ويهددوها بأي حال من الأحوال
فقطر تضم قاعدتين عسكريتين أمريكيتين واولاد سعود لا يخرجون عن طاعة أمريكا ولا يجرؤ ابن سلمان او ابوه او اخوه المقبور عبد الله على دخول الحمام بدون استئذان
كل هؤلاء موظفون لا يمكن لأحدهم كسر التوازنات او التحرك ضد الآخرين.
بل والجزيرة الآن تجلد أولاد سعود بدون ان يجرؤ أي منهم على رفع اصبع واحد في وجه قطر.
السؤال البسيط الذي يمكن لأي عقل سليم ان يطرحه هو : لماذا كان آل سعود يهددون قطر وقت غلق الجزيرة مباشر مصر التي كانت تنقل الحراك في مصر ولا يهددونها وهي تجلد افراد اسرة ال سعود انفسهم ؟
وما سأقوله هنا هو من وجهة نظر التحليل السياسي بعيدا عن التحليل بطريقة التمنيات والوهم واستغفال الذات التي دأب بعض المحسوبين على مناهضي الانقلاب على ممارستها وبعيدا عن سياسة الرقص بالصاجات التي يمارسها بعض المرتزقة الذي يتلقون رواتبهم من الإعلام القطري
الاجابة البسيطة جدا والمعقدة جدا في نفس الوقت هي انها لم تكن تهددهم وقتها ولكن هذه هي الحجة التي قيلت لنقل الإخوان المسلمين من قطر الى تركيا لتنفيذ المرحلة الثانية من خطة الاحتواء الاقليمية.
وان شاء الله سوف اتكلم بالتفصيل عن مرحلتي الاحتواء (القطرية والتركية)
أما السبب الثاني لغلق الجزيرة مباشر مصر فهو بكل بساطة وايجاز لشل الحراك في مصر !
كيف هذا ؟
الإجابة البسيطة جدا هي ان الحراك القائم على مظاهرات يعمل بالإعلام
الاعلام هو المراجل التي تشعل الحراك والحراك من جهته هو الذي يشغل الاعلام والمسألة أشبه بالنار والحطب
فكلما ألقيت بالحطب في النار زادت النار اشتعالاً
هذه مظاهرة هنا ومظاهرة هنا ومظاهرة هناك .. تتحرك الكتلة الصامتة وتتقلقل.
تحريك كتل الشعب يحتاج لإخبارهم ان هناك مظاهرات ونقل هذه المظاهرات لغيرهم يشجعهم على النزول وهكذا تشتعل رقعة الاحتجاج
(ولا يجب هنا الخلط بين الاحترافية الشديدة التي نقلت بها الجزيرة المظاهرات في بداية الانقلاب, فالجزيرة كانت تنقل المظاهرات لحظة بلحظة ونقلت قبلها المجازر التي ارتكبها العسكر ولولا هذا ما استطاعت ان تلعب دورها وتضخ بعضا من السم القليل مثل نقل الوقفات قليلة العدد ثم استضافة الانقلابيين والعمل بإيقاع بطيء متدرج حتى حان وقت الغلق مرة واحدة)
فإذا أغلقت الإعلام الذي ينقل المظاهرات, فكأنك توقفت عن إلقاء الحطب في النار, وسوف تستمر النار مشتعلة بعض الوقت بفعل الحطب بداخلها ولكنها ستتوقف بمجرد استهلاكه وتخفت بالتدريج وهذا هو الهدف من إغلاق قناة الجزيرة مباشر مصر
أما الهدف الثالث فهو توجيه ضربة معنوية لمعسكر مناهضي الانقلاب واصابتهم بخيبة أمل
وللحديث بقية ان شاء الله
