متى بدأ الربيع العربي؟

لم يبدأ الربيع العربي سنة 2011 كما يظن الكثيرون بل بدأ قبل هذا بكثير 

كان الربيع العربي يبدأ في طهران سنة 1978 

وقد تبدو هذه الاجابة عجيبة للبعض 

لكن هناك عدة حقائق يجب وضعها الى جانب بعضها البعض لنصل الى هذا الاستنتاج 

الأولى ان الخوميني كان متصلا بالحكومة الأمريكية منذ الستينات والثانية هي ان عناصر من المخابرات الامريكية مثل مايلز كوبلاند هم من رتبوا تفاصيل (ثورة) الخوميني (الشعبية) ضد شاه ايران بعد اقل من ثلاثة عقود من ترتيبهم الانقلاب على مصدق لصالح شاه إيران والثالثة هي ان إيران هي التي تحركت لاستفزاز العراق حدوديا بعد ان كان نظام صدام مرحبا بالإطاحة بشاه إيران 

هذه الحقائق الثلاث تحتاج الى عنصر رابع لكي تكتمل الصورة 

وهذا العنصر هو دراسة استراتيجية اسرائيلية بعنوان ( استراتيجية إسرائيل في الثمانينات والتسعينات) 

كان ملخص هذه الدراسة باختصار هو ان التوسع الاسرائيلي المستقبلي يحتاج الى عدة امور منها تدمير العراق ثم تدمير سوريا (هكذا بالترتيب) 

مرحلة تدمير العراق

كان تدمير العراق مستحيلا مع كبر حجم العراق سكانيا ومع عظم مساحته 

كان العراق في ذلك الوقت اقتصاديا وعسكريا بمثابة قارة صغيرة لم تكن حرب واحدة تجدي معها نفعا فكان من الضروري إدخاله في مرحلة انهاك 

ولهذا كانت الحرب العراقية الايرانية التي اندلعت فجأة وبدون سابق انذار وبدون اسباب حقيقية 

ولم تكن حرب العراق وايران ممكنة قبل تغيير نظام شاه ايران لعدة اسباب 

منها مثلا ان نظام الشاه كان تابعا لامريكا بشكل صريح وكذلك كانت العراق ولم يكن من الممكن ان تنشب حرب بين دولتين من نفس المحور 

بالاضافة الى ذلك كان من الضروري تغيير نظام الشاه الموالي بصورة صريحة لامريكا الى نظام يزعم العداء مع أمريكا ليسهل دمجه في النسيج السياسي للحركات الإسلامية في الشرق الاوسط وتطمئن له 

نظام يبدو في ظاهره على عداء مع اسرائيل بينما تنقل له المخابرات الاسرائيلية والامريكية صواريخ في السر بمعاونة سعودية (فضيحة ايران كونترا جيت) 

كانت إيران هي تركيا الثمانينات وكان الخوميني هو أردوغان تلك الحقبة 

لم تكن إيران تقدم سوى جعجعات بينما تعمل ليل نهار على ارهاق العراق وعلى اختراق الحركات الإسلامية في الشرق الاوسط 

وبعد ثمان سنوات من الحرب المرهقة ضد العراق توقفت الحرب لتبدأ بعدها حرب الكويت بعد استدراج صدام حسين للكويت.

كانت هذه الحروب عملية ذبح طويلة الأمد للعراق تمهيدا للمرحلة النهائية التي بدأت مع الغزو الأمريكي للعراق

ولا يخفى على أحد أن الطيارين الإسرائيليين شاركوا في ضرب العراق في تلك الحرب 

مهما قيل من أسباب اقتصادية في محاولة لتفسير غزو العراق في 2003 (وكلها أسباب صحيحة بدون شك) لكن الهدف الاساسي من الحرب هو تفتيت العراق وهي المرحلة السابقة على تفتيت سوريا 

ولم يكن من الممكن تفتيت العراق دون ان تحل قوة اخرى محل حزب البعث في العراق ألا وهي إيران 

وصحيح ان اطماع ايران الاقليمية تحركها لكن هذه الأطماع تضعها بدقة على خطوط تنفيذ الاستراتيجية الاسرائيلية 

حرب تموز و حزب اللات

كانت ايران تملأ الفراغ في العراق وكان حزب اللات يملأ الفراغ ويعمل كشرطي لإسرائيل في لبنان ثم بدأت عملية تجهيز حزب اللات عن طريق حرب تموز وذلك تمهيدا لدوره المقبل والمعد مسبقا في سوريا 

نعم دوره المقبل 

فكل الادوار التي لعبتها ايران ومن خلفها ذراعها العسكري او ذلك الورم المسمى حزب اللات كانت مخططة ومرسومة قبلها بعقود 

كانت مرحلة الثورة المتحكم بها في سوريا والتي تديرها المخابرات التركية بتمويل سعودي قطري اردني (انسحبت “السعودية” سنة 2017) تحت إشراف المخابرات الأمريكية فيما عرف باسم عملية خشب الجميز مستحيلة بدون مرحلة العراق وكانت مرحلة تفتيت العراق مستحيلة بدون حرب العراق وإيران وكانت هذه الحرب مستحيلة قبل تغيير نظام شاه إيران شرطي أمريكا الى نظام الخوميني شرطي أمريكا السري الذي يتخفى خلف شعارات العداء الوهمي لامريكا 

ولم يكن من الممكن تحريك الأوضاع في سوريا باتجاه ثورة متحكم بها الا بعد اتمام عملية (تقليب) لمصر بلعبة 25 يناير 

بل ان كل هذا كان مخططا منذ مائة سنة بعد ان تركت اتفاقية سايكس بيكو جيبا مفتوحا وبابا خلفيا لاعادة تشكيل سايكس بيكو وهو المشكلة الكردية (واردوغان يقيم لهم دولة الان تحت زعم محاربة الانفصاليين الاكراد) 

وبنفس الطريقة نسجت مشكلة الامازيغ واجلت مائة سنة لتبدأ عملية تفتيت للجزائر والمغرب فيما بعد 

كانت هذه هي سلسلة الدومينو التي بدأت بما يسمى بالثورة الايرانية 

وللحديث بقية ان شاء الله 

#آيات_عرابي