أرسل لي أحد الإخوة المتابعين فيديو للسيسي أثناء مشاركته في ندوة بعنوان العبور إلي المستقبل , وكنت شاهدت هذا الفيديو من قبل في إطار متابعتي لاحتفالاتهم بعيدهم الأكبر وقدس أقداسهم (مولد سيدهم أكتوبر)
عنوان الندوة (العبور إلى المستقبل) هو محاولة بائسة لربط قدسية أكتوبر المزعومة بواقع ومستقبل دولة العسكر البائسة.
لقد كررت كثيرا أن دولة العسكر سقطت وأفلست ولم يعد أمامها إلا التقليب في أوراقها القديمة لإعادة تدوير نفاياتهم التي لم يعد لها مكانة إلا في قلوب عجائز غثاء السيل الذين تقشعر جلودهم وقلوبهم لذكر صنم الوطن وأباطيله وانتصاراته.
الفيديو تضمن مشهدا تمثيليا محبوكا لحديث ذكريات كوميدي بين السيسي واللواء سمير فرج (رئيس الشؤون المعنوية لسنوات!)، وكيف أن التلميذ الوفي لازال يتذكر معلمه بالفضل والإحسان رغم وصوله لأعلى المناصب، بينما يقابل المعلم وفاء تلميذه بتذكيره بنباهته وتفوقه، وكيف تفرس فيه سمير فرج النباهة والقدرة على اتخاذ القرارات، حين كانت حكمة السيسي سببا في نجاة الكتيبة من العاصفة الترابية في سيناء بسبب حفظه لطريق آمن وسط الألغام وهو ملازم أول! على الرغم من ردم العاصفة للطريق! محاولا ربط السيسي بصنم أكتوبر الذي يرتبط بذكر سيناء مع حشر كلمات مفتاحية مثل ألغام وخطوط دفاع وكأن السيسي كان بطلا في في معركة، علما بأن السيسي خريج 1977 ، ثم تجلت حكمة السيسي وقدراته العسكرية والإدارية أكثر حين اتخذ قراره التاريخي باستبدال طعام الكتيبة من جبنة الصفائح بالجبنة النستو! مما دفع اللواء سمير فرج لوصفه في التقرير “السري” بأنه ضابط صاحب قرار! لم ينس سمير فرج طبعاً ربط كل تلك القدرات العبقرية بقرار السيسي بالتخلص من الإخوان في 2013، وذكر أنه لم يذكر صلته بالسيسي من قبل حتى لا يتهم بالتملق (شفت ازاي)
المشهد يدل على إخراج متقن ويبدو أن سمير فرج استعان بمخرج سهرة سونيا ولذلك بدا السيسي متقنا للسيناريو، لأن المعروف عن شاويش الانقلاب أنه لا يجيد الارتجال، ويفتقر لسرعة البديهة.
المشهد تضمن دغدغة للمشاعر تؤثر بشدة في غثاء السيل من مؤيدي العسكر الذين تربوا على تعظيم الميري.
حين كنت أتلقى رسائل المجندين السابقين عن ذكريات العبودية في التجنيد الإجباري كنت أرى العجب العجاب من سفاهة وتفاهة تفوق الخيال، كان من أشهرها ذلك الضابط الذي أجبر المجندين على عمل جنازة وعزاء للمج المكسور!
أذكر وصف الشيخ وجدي غنيم لفترة تجنيده بأن الجيش تهريج منظم، إن التمرس والتعايش مع إجراءات هذا السيرك المسمى بالجيش يصيب المرء بحالة من البلادة والتقزم الفكري والتأخر العقلى مع كثرة تعظيمه للتفاهات والسفاسف وإحاطتها بهالة من الإجراءات والمصطلحات المهيبة مثل “استراتيجية” و”سرية” و”تقرير سري” و”قرار استراتيجي” “خبير” تخطيط” “محلل” إلخ. بينما الأمر كله يتمحور حول مجموعة من الإجراءات التافهة، الأمر لا يختلف كثيرا عن الساعات التي يقضيها عدد من الخبراء والمحللون في مناقشة محتوى مباراة للركض خلف جلدة منفوخة. الكارثة أن هؤلاء العملاء المتقزمون فكريا بفعل قضاءهم سنوات عمرهم في هذه المؤسسة يتصورون أنهم قادة وزعماء لديهم عقول وتقديرات تفوق من يسميهم سمير فرج بالمدنيين، ولازلت أذكر وصف السيسي لنفسه من قبل بأن قادة وزعماء العالم يستشيرونه في كل شئ.
سمير فرج على تفاهته فهو أحد كبار كهنة الطاغوت المسمى بالجيش المصري، علما بأن بعض هؤلاء الكهنة قد يفوق السيسي نفسه في سلم العمالة للغرب، ففي تسريبات عباس كامل رأينا كيف كان السيسي هو الذي يذهب بنفسه لمكتب الهـ الـ ك العصار، والسيسي بطبيعة الحال وبحكم موقعه السابق في المخابرات الحربية لا يفوته أن يحتفظ بفضائح تدين كل هؤلاء وتؤمنه انقلابهم عليه وتجبر سمير فرج على تمثيل مشهد كهذا، ولا أستبعد أن يكون سمير فرج أصبح من أحد أقرب مستشاري السيسي.
إذا كان هذا هو حال عقول هؤلاء المتقزمون فكريا بعد قضاء عمرهم في مصنع تفاهة الجيش المصـ رائـ يـ لي، فكيف يا ترى يكون حال من كان مصابا في الأصل بتأخر في النمو العقلى والتحق بتلك المؤسسة بعد فشله في الإعدادية؟! لك أن تتخيل مدى عجزه عن تمثيل دور الرئيس حين يعقد صفقات مع الحاج سعيد بطريقة المعلمين على الملأ وبالأمر المباشر دون مناقصات أو حين يفضح كذبه بأن شركة وزير الكهرباء تنفذ مشاريع الدولة دون مقابل بقوله: “بتدق مع وزارة الدفاع في الفلوس ليه يا دكتور شاكر”
لقد سقطت دولة العسكر بالفعل وصارت عاجزة تماما حتى عن تمثيل دور الدولة الضعيفة النامية وهو الدور الذي رسمه لها المحتل ليمرر احتلاله بالوكالة من خلال حكامها العملاء ومؤسساتهم، وما بقاء دولة العسكر وطول فترة احتضارها ومثيلاتها من أكشاك سايكس بيكو إلا عن ضعف عقدي لدى الأمة وعجزهم عن تصور حقيقة الصراع كمعركة بين الإسلام وأعدائه ، وليس مجرد صراع لإسقاط نظام فاسد أو فاشل، ولذلك يجب على كل مسلم إن أراد التغيير حقا أن يعي حقيقة الصراع ويبتعد عن التصور الفاسد السطحي للصراع والتغيير الذي خلفه ما يسمونه بالربيع العربي.
تخيل لو اعترفت حركة طـ الـ بـ ان بالدولة الأفغانية ومؤسساتها التي أسستها أمريكا وتطاول على ذلك زمان مثلما تطاول على كيانات سايكس بيكو لصار هناك من يحدثك عن التاريخ العظيم والانتصارات الكبرى للجيش الأفغاني وعظمة الوطنية الأفغانية ورموزها, , الخ
من تدابير الله أن جعلنا نعيش ونشاهد تلك الحقبة التاريخية التي سيسجلها التاريخ في قاع قمامته, وما مشاهد قرارات الجبنة النستو وصفقات سعيد وشاكر إلا آية من الله ليريك مدى ضعف البصيرة العقدية لدى الأمة حين تمكن أعدائها من استعباد المسلمين بشخصيات بهذه التفاهة وتصويرهم على أنهم واقع يتطلب أن ندجن ديننا لنتصالح ونتوافق معه ونؤسس نظريتنا للتغير وفق ثوابته من وطنية وشرفاء جيش ومؤسسات دولة وحدود وأعلام بدلا من أن نكفر بكل ذلك جملة ونضعه تحت أقدامنا، بينما هم مجموعة من المجرمين والكـ فـ ار ليسوا على شيء، بل ولا يرقوا ليكونوا أصحاب عقيدة باطلة يخلصون لها ويضحون من أجلها، وعلى استعداد لترك الجمل بما حمل إذا ما أحسوا أدنى خطر على حياتهم، وقد رأينا كيف كان يتوسل أحدهم لمسلحي تنظيم ولاية سيناء بقوله “أنا مراتي حامل” أو يفرون بملابسهم الداخلية كما حدث في 2011.
بعيدا عن أراجوازات العسكرالتافهون ظاهرا وباطنا، فالعقلية الجاهلية مهماعلت أو تميزت فجوهرها التفاهة والغباء ودولة العسكر العميلة مهما بدا للبعض أنها عالية فستسقط وليس فقط دولة العسكر في مصر، بل إن جميع حكومات الحكم الجبري ساقطون لا محالة وما نراه منذ بداية الانقلاب هو ارهاصات هذا السقوط ان شاء الله وستسقط معهم مفاهيم التجنيد الاجباري والجيوش الإلزامية والوطن والحدود وكل هذه الخزعبلات الماسونية شاء من شاء وأبى من أبى
وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ