هل هناك رسائل توجهها روسيا لأمريكا أو تركيا؟؟
هل ترتبط هذه المناورة بما يحدث في ليبيا؟
هل يتم استخدام كارت مصر لإجبار تركيا على الانسحاب من سوريا؟
أسئلة عديدة تدور في ذهن كل من تابع اليوم وأمس بدء المناورات العسكرية البحرية المشتركة بين روسيا وبين مصـ رائـ يل والتي تنتهي اليوم
وموضوع المناورات الروسية المصرية المشتركة ليس بالجديد, بل أن هذه المناورات مستمرة كل عام ومنذ ٢٠١٥ وتحدثت عنها من قبل
هذه المرة كان مسرح المناورات و للعام الثاني على التوالي في البحر الأسود وهو ما أعده البعض رسالة موجهة لتركيا خاصة من الجانب المصري التي تريد أن تعزز موقفها في البحر المتوسط وأن مصر تريد أن تجبر تركيا على الخروج من ليبيا رغم كل الأخبار المتناثرة هنا وهناك عن المصالحة بين مصر وتركيا, ولكن ليبيا بالنسبة لمصر خط أحمر
وأيضا اعتبره البعض رغبة روسية في إجبار تركيا على الخروج من سوريا
وهنا دعوني أن أوضح أن مصر وتركيا بالاضافة إلى ٣٢ دولة شاركوا في مناورات ضد روسيا أيضا في البحر الأسود منذ عدة أشهر, يعني الموضوع بعيد تماما عن تهديد تركيا
أما موضوع سوريا, فمعروف أن تركيا ساهمت وبشكل فعال في استقرار الاحتلال الروسي لسوريا وفي بقاء المجرم بشار, خروج تركيا من سوريا سيكون باتفاقيات بين تركيا وروسيا وبعد حصول تركيا على حصة مصالح اقتصادية وأتوقع أن يحدث هذا في القريب العاجل لتعود العلاقات الطبيعية بين تركيا وسوريا وبشكل علني بعد أن كانت في الغرف المغلقة
الموضوع باختصار أن روسيا من خلال هذه المناورات ترسل رسالة إلى بايدن فيما يخص أوكرانيا وأيضا رسالة لبريطانيا التي حاولت إحدى سفنها وهي المدمرة (ديفندر) منذ عدة أشهر الدخول للمياه الإقليمية لجزيرة القرم التي تقع تحت السيطرة الروسية مما جعل روسيا ترسل طائرتين وعدة قطع بحرية أجبروا المدمرة البريطانية على الخروج من المياه الإقليمية للقرم
من وجهة نظري أن هذه المناورات هي رد روسي على المناورات التي تتم منذ فترة في البحر الأسود أيضا ورد على الأخبار التي أكدت على انضمام أوكرانيا لحلف الناتو ولقطع الطريق على أمريكا التي تقوم بتهريب الأسلحة لأوكرانيا
والمعروف ان أمريكا تلعب دور كبير في تسليح اوكرانيا والمعروف أيضا أن امريكا سعت لضم أوكرانيا لحلف الناتو وامدادها بالتسليح لأن أوكرانيا وجزيرة القرم تعد المنفذ الوحيد لروسيا على البحر الأسود هذا ما دفع روسيا للتحرك والسيطرة على جزيرة القرم وبالتالي السيطرة على البحر الأسود
لعبة توازنات يقوم فيها العملاء أمثال السيسي بدور الكومبارس بمنتهى البراعة
فمصر بلد تابع لا ملة له ولا دين
فغفير العزبة المصرية فقط ينفذ أوامر أسياده ليس إلا, في نظير الفائدة التي ستعود عليه بعد تنفيذه لهذا الدور وعلى رأسها توصيل رسالة للداخل المصري بعودة مكانة مصر الإقليمية والدولية, وضمان مزايا اقتصادية كبرى بعد تصفية الملف الليبي المقرر الانتهاء منه بالعملية الانتخابية التي تتم تحت إشراف روسيا في المقدمة وأمريكا من وراء ستار
المعركة الآن هي معركة توزيع اختصاصات
والحقيقة ولكي نفهم ما يحدث في المنطقة منذ سنوات وقبيل الانسحاب الأمريكي من أفغانستان لابد أن يعلم الجميع أن أمريكا ومنذ تولي ترامب الحكم وهي تتراجع عن مراكز قوتها في الشرق الأوسط
فلم تعد أمريكا تمارس النفوذ المعهود الذي مارسته على سياسة المنطقة ومنذ عقود, في الوقت الذي امتد فيه نفوذ روسيا في المنطقة , واتضح هذا جليا من الدور الذي مارسته روسيا في المجازر التي ارتكبتها في سوريا بلا رادع ولا حساب وبدا الأمر كما لو كانت روسيا هي الذراع القذر الذي تستخدمه اسرائيل في سوريا إلى جانب عدد من الأذرع المساعدة لتنفيذ استراتيجية اسرائيل في الشرق الأوسط كما شرحتها من قبل
باختصار شديد العالم يشهد الآن ومنذ أزمة كورونا مولد حكومة جديدة لتحكم العالم
حكومة يغادر فيها مركز صناعة القرار في المنطقة البيت الأبيض بالتدريج لينتقل إلى الكرملين, وبكين وتل أبيب بالإضافة طبعا إلى دور محدود للبيت الأبيض
ولكي تفهم الموضوع أكثر لابد أن تتبع مدى التوغل الروسي حتى في منطقتنا نفسها والذي بدأ بشكل أوضح إبان فترة حكم ترامب واستمر إلى يومنا هذا
فخلال السنوات الماضية تمكنت روسيا من احتلال سوريا بشكل رسمي وكانت هي الذراع الأطول في تنفيذ مخطط التخلص من التطلعات الإسلامية هناك وتمكنت من إنشاء قاعدة دائمة في طرطوس وقاعدة جوية في سيدي براني على الحدود في ليبيا أنشئت في أواخر عام ٢٠١٦ تخطط روسيا لاستخدامها كقاعدة عسكرية جوية للتوغل داخل منطقة شمال إفريقيا عند اللزوم لحل أي مشكلة جيوسياسية أو تهديد جديد لاستقرار المنطقة
هذا إلى جانب ما نشرته فورين بوليسي منذ عام وقمت بتحليلها في وقته وهو خبر قيام روسيا بإنشاء قاعدة روسية في بورتسودان على البحر الأحمر بالقرب من المملكة الحمصية وعلى حدود مصر وهو ما يؤكد خطة روسيا في التوسع في المنطقة تمهيداً للدور الجديد الذي ستلعبه في التقسيم الجديد لخريطة القوى في العالم لتكون منافس قوي لأمريكا في إفريقيا وفي البحر المتوسط لأن المرحلة التي نعيشها الآن هي مرحلة إعادة ترسيم حدود دول ودويلات سايكس بيكو وإعادة توزيع خريطة القوى العالمية طبقاً لموازين القوى الجديدة التي فرضت الصين وروسيا بقوة في المعادلة الجديدة
فهم ما تقوم به روسيا في المنطقة مهم جدا لرؤية الصورة كاملة عن أطماع روسيا واستعدادها لوراثة أملاك الامبراطورية الأمريكية وتدشين النظام العالمي المستجد والذي بدأ بالفعل منذ بداية العملية كورونا
والمتابع للسياسة الأمريكية الخارجية أثناء فترة ترامب يجد أن هذه الفترة رسخت في الأذهان أن أمريكا مجرد وسيط غير فاعل في الحروب
فحين أرادت التدخل في سوريا تدخلت من خلال وكلائها في المنطقة في عملية خشب الجميز, في حين برز دور روسيا في الحرب في سوريا وبشكل قاطع مع نظام المجرم بشار فبدا الدور الأمريكي أقرب للوساطة منه للتدخل العسكري, وكذلك الحال في ليبيا, التدخل الأمريكي كان عن طريق حلفائها في المنطقة السيسي وأردوغان والإمارات في الوقت الذي برز الدور الروسي في مساندة حفتر ويبرز حاليا في مساعدة سيف القذافي
هذا الدور الذي بدأ في عهد ترامب امتد في مرحلة بايدن مما يجعلني أقول أنه حتى وان بدا القطبين متنافران إلا أنهما في النهاية ينفذان مخطط واحد أو أن تحركاتهم في النهاية تصب في مصلحة مشتركة
السيطرة التامة على مصادر الطاقة