آيات عرابي تكتب |غنوشيزم ابراهيم منير وموتى البحر الميت !

 
يقول الشيخ بسام جرار متحدثاً عن مفاسد ومظالم آل سعود : إياك ان تتصور أن من تربى على القرآن والسنة قد يقبل بأي نوع من الظلم .. واللي بيقبلو هدول معناتو منحرفين مين ما كانوا !!
مشاعر متباينة انتابتني بالأمس وأنا اقرأ البيان المنسوب للإخوان المسلمين والموجه للجثث العربية المجتمعة عند البحر الميت. ما بين الغضب العنيف وعدم التصديق والذهول. كنت وللمصادفة قد فرغت لتوي من قراءة كتاب (مذابح الإخوان في سجون عبد الناصر) حين قرأت البيان.
تذكرت ما قراته في الكتاب عن بعض أعضاء الجماعة الذين تعرضوا لتعذيب يفوق جرائم المغول وكفار قريش والحملات الصليبية مجتمعين, والذين انتهى بهم الحال إلى إرسال خطابات توبة إلى المجرم عبد الناصر !!
بدا لي البيان كخطاب تأييد يرسله بعض المحطمين إلى جلاديهم يعلنون فيه الخضوع والتوبة والندم على معارضتهم. خطاب سُطِّرت كلماته بمداد الاستخزاء والمذلة, بيان اعتراف وندم وانبطاح واستسلام.
بيان ابراهيم منير, لموتى البحر الميت.
بيان ؟ بل قل التماس وإعلان انبطاح !!
يصعب على من قضت جانباً كبيراً من حياتها في الولايات المتحدة مثلي, أن تجد كلمة فصحى تحتشد فيها كل معاني المذلة التي غُمست فيها كلمات البيان.
يقول البيان في جانب منه : شعوبكم ؟؟
منذ متى اصبحنا شعوباً لهؤلاء الخدم يا أستاذ ابراهيم منير ؟
من الذي اقنعك أننا (شعوبهم) ؟
من قال لك أننا عبيد تركهم سيد ما لأولاده ؟؟
(وأبداً ما كان آباء هؤلاء الخدم أسياداً)
بل هم أرخص من وجدهم المحتل في بلادنا, فعينهم حراساً على بلادنا بعد أن قسموها.
من اقنعك يا أ. ابراهيم أننا ((شعوب)) سلمان أو عبد الله أو الصباح أو ذلك اللئيم الذي لا يكاد يفقه قولاً, الذي استولى على مصر بقوة السلاح وبتخطيط من سادته في الموساد ؟
من اقنعك يا أ. ابراهيم أننا (شعوب) عبد ربه والصباح وشاويش جيبوتي وصول الجيش المصرائيلي في مصر ؟
وأي شعوب تلك المطالبة بالسمع والطاعة ؟
السمع والطاعة لمن ؟
للخونة والعملاء وبائعي الأراضي وسماسرة الثروات الطبيعية والمتاجرين بحياة الناس وأعداء الإسلام ؟
السمع والطاعة لخدم الكيان الصهيوني ؟
ألم تسمع ذلك الرويبضة الانقلابي في مصر وهو ينطق الكفر بلسانه ؟
أي سمع وأي طاعة ؟
السمع والطاعة لعملاء الموساد وخدمه ؟
السمع والطاعة لمن اعانوا على قتل مسلمي مصر وسوريا واليمن والعراق وليبيا ؟
ألم يكن عميل الموساد المفرط في أرض مصر من بين من وجهت لهم البيان ؟
أليس هذا اعترافاً ضمنياً منك بالانقلاب ؟
أتعقل ما تقولون يا رجل ؟
نبهني مقال الدكتور ممدوح المنير (وهو من الإخوان المسلمين بالمناسبة), إلى كارثة لم الحظها وسط سحب الغضب التي اعترتني وأنا اقرأ كلمات البيان الغنوشيستي. فالبيان لم يذكر كلمة الثورة ولو على سبيل الخطأ وكأنما حرص أ. ابراهيم منير على حشد كل ما استطاع من معاني الخنوع والاستسلام والخزي والمذلة والاستجداء.
إن مفتاح فهم (غنوشيزم) ابراهيم منير هو مقال دنيس روس (أحد كبار المحسوبين على اللوبي الصهيوني في أمريكا) في الفورين بوليسي سنة 2014 والذي قال فيه أنه لن يُسمح للإسلاميين في مصر بالمشاركة في السلطة إلا على غرار نموذج النهضة في تونس. ولم يكذب الغنوشي خبراً, فقد دعى لتصالح الإخوان مع قائد الانقلاب في مصر. ولا يخفى على طفل أنه يسير وفق خط أمريكي بل (صهيوني) إن شئت الدقة.
ابراهيم منير لم يترك خطيئة واحدة لم يرتكبها في بيانه.

فقد اعترف بالكيان الصهيوني في سابقة لم يجرؤ على اقترافها, الهلباويون والخرباويون المنخلعون من الإخوان المسلمين.
نكوص كامل على المباديء التي قامت عليها جماعة الإخوان المسلمين وتنكر لأفكارها.

والطامة أنني شاهدت من يبرر ذلك العار بالسياسة.
ولا أدري أي سياسة في ان يعلن ابراهيم منير استسلامه. إعلان استسلام يقدمه دون يستشير أحداً.
(وأقول للأستاذ ابراهيم منير : لن يقبل أحد بمسرحية انتخابات 2018 ولن يعترف أحد بنتائج الإنقلاب ولو حتى على سبيل الأمر الواقع)
ثم اتسائل, هل يستطيع ابراهيم منير أن يرفع عينيه ليواجه الرئيس مرسي بهكذا بيان ؟
هل بمقدوره أن يبرر ذلك الخزي إن وقف أمام عاكف والشاطر والبلتاجي ؟
ضع خطاب عصام سلطان الذي قال فيه أنه لن يعترف بالانقلاب بجانب ذلك البيان ولا تزيد.
من ناحية أخرى, لم استطع منع نفسي من الشعور بالراحة الغامرة وانا اقرأ البيان الذي اصدره فضلاء الإخوان (أو فلنقل الإخوان حقاً) يتبرأون فيه من بيان المذلة ويؤكدون على ثوابتهم.
فشكراً من القلب لأحفاد البنا وقطب وعاكف الذين لم يخذلوا آمال الناس فيهم.
وأقول, إن ذلك البيان ليس أمراً داخلياً يخص جماعة, بل هو بيان اعتراف بالانظمة التي ثارت عليها الشعوب المسلمة في المنطقة ودفعت أثماناً باهظة, ولذلك فلابد من محاكمة شعبية لمن تبرع من تلقاء نفسه بالتنازل عن تضحيات الملايين دون أن يطلب منه أحد ذلك.
إن بياناً كهذا لهو جريمة غير مسبوقة في حق آلاف الشهداء وعشرات الآلاف من الأسرى وفي حق مصر وكل البلاد الاسلامية المنكوبة.

جريمة تتطلب, محاكمة شعبية لابراهيم منير أمام ملايين المسلمين في مصر وسوريا وليبيا والعراق واليمن.