المتحدث باسم المؤتمر العام للجماعة الاسلامية يؤكد على ((((الحفاظ على مؤسسات الدولة)))) و ((((الاصطفاف الوطني))))
واليوم السابع الانقلابية تبرز هذا في عنوان كبير وتنشر الفيديو بمنتهى الحب واللطف والحنان والعشق ولم ينقص الا بعض الورود وموسيقى شاعرية وصوت فاروق شوشة !!
المشهد نفسه لابد أن يصيبك بالمغص, رجل بلحية من الجماعة ((الاسلامية)) يقول نحافظ على مؤسسات الدولة !!
اسلامي يحافظ على مؤسسات الدولة .. كان ينقصه فقط أن يضيف عبارة (ويصلح ساعات) ليكتمل المشهد المتنافر.
وأنا اتحدى ان يكون أحد قد شرح لاعضاء الجماعة الاسلامية معنى كلمة ((مؤسسات الدولة))
بل اتحدى أن يكون اعضاء الجماعة نفسها قد شاركوا في تصويت كهذا وان كانوا شاركوا, فدون شرح كاف لما تعنيه كلمات ذلك المتحدث.
ولن اتحدث عن دلالة عقد المؤتمر بكل هذه الحرية في مصر ولا عن مسارعة اليوم السابع الانقلاب بنشره بكل هذا الاحتفاء, فما سأشير إليه أهم بكثير من هذا.
الكارثة الاعمق, أن ترى اسلامياً بلحية يحدثك عن مؤسسات الدولة !!
لم يشرح أحد لهذا الرجل أصول ما يسميه بمؤسسات الدولة, ولم يقرأ هو نفسه عن أصل نشأتها وأهدافها ولا يعلم أنها انشئت لتكون شرطياً على الاسلام في مصر, بل ان الحديث عن ((مؤسسات الدولة)) يعني على الفور أن هذا لا يعرف الفرق بين الحكم في الاسلام وبين الدولة الوظيفية التي انشأها الغرب في مصر منذ قرنين والتي تستمر مؤسساتها في العمل حتى الآن.
هذا رجل ينتمي أصلاً لما لا يعرفه. والحديث عن مؤسسات الدولة وأنت بلحية يعني أنك تلطم المنطق وتصفعه وتركله. تماما كما يقول المثل العامي “باب النجار مخلع”
جراح مقطوع الساق أو سائق مخمور.
أنت اسلامي توافق على الحفاظ على مؤسسات انشأها الغرب على اسس مخالفة تماماً للعقيدة التي تدعي انك تدافع عنها. وهي مؤسسات لا تكتفي حتى بالنشأة المشبوهة, بل هي تحارب الاسلام ليل نهار ولا تدخر وسعاً في اظهار عداوتها للاسلام.
فاما انك اسلامي تقليد أو انك لا تعي ما تقول, أو أن احدهم املى عليك ما تقول.
فكرك حتى لا يتفق مع توصيفك لنفسك بأنك اسلامي.
فلماذا تصف نفسك بالاسلامي ان كنت تدافع عما تسميه بمؤسسات الدولة, بل وتضيف عليها وصف “المصرية” لتتحدث كما يتحدث أي ضابط انقلابي ؟
وكأنما يختزل هؤلاء القوم, الاسلام في اللحية والعبادات.
لا يقولون هذا صراحة ولكن لا يمكنك أن تكون اسلامياً ثم تتحدث كليبرالي أو كيساري ثم تطلب من الناس ان تعتبرك اسلامياً !!
أنت تعاني من خلل ما, خلل في توصيفك لنفسك أو خلل في عقيدتك ذاتها.
هذا هو مأزق الحركة الاسلامية في مصر. وانا هنا لا ابحث خلف اسباب هذا وما اذا كان هذا اختراق أمني أم خلل في العقيدة أم غير ذلك.
أنا اقرر حقيقة.
الاسلام المتصالح مع اللا اسلام
لا يمكنك أن تمزج الكيروسين بالحليب ثم تدعي أن ما بالكوب حليب.
نحن بصدد كارثة فكرية عميقة عجزت الحركة الاسلامية في مصر عن تجاوزها (اللهم الا الجبهة السلفية).
عدد من أكواب الحليب اختلطت بالكيروسين بنسب متفاوتة.
حالة من التسمم الفكري نتجت عن قبول هؤلاء للأمر وعكسه فانتجت عجزاً كاملاً عن الحركة.
وأنا لا اعادي الجماعة الاسلامية بل ولا اعادي أي تيار اسلامي, ولكن المشكلة عامة, فهناك من بين الاخوان المسلمين من وصلوا لمرحلة ألعن من هذه في التصالح النفسي مع مؤسسات الحكم الجبري.
ناهيك عن الاستسلامية التي يتحدث بها (أخينا) المتحدث في مؤتمر الجماعة الاسلامية ودعوته المبطنة للتصالح مع الانقلاب.
نحن بصدد تشوه فكري عميق يحتاج إلى علاج.
اسلاميون ليسوا باسلاميين.
لحى طويلة بمضامين علمانية شديدة التعسكر والالتصاق بمؤسسات الحكم الجبري.
هذه المعضلة هي أهم سبب للعجز في وجه الانقلاب. فالانقلاب لديه وضوح ونقاء في الرؤية, فهو يتصرف كعدو محارب للاسلام. بينما من يدعون أنهم اسلاميون يتصرفون كاسلاميين علمانيين.
عقلية كهذه لا يمكنها أن تقدم حلولاً في ظل انقلاب عسكري سوى الاستسلام للعسكر.
ليست المشكلة في هذه اللحى المتعسكرة بل المشكلة الحقيقية في الفكر الذي املى على ذلك الرجل ما قاله.
المبشر في الأمر كله هو أن مجرد نشر صحيفة انقلابية لتصريحات (((اسلامي))) عن مؤسسات دولتهم هو في حد ذاته مؤشر يكشف أن الانقلابيين يشعرون بخطر حقيقي على مؤسساتهم ويخشون أن تتداعى.