آيات عرابي تكتب | حقيقة الدور التركي في الثورة السورية (1)

ردا على تساؤلات البعض حول موقفي من اردوغان و هجومي الدائم عليه في كتاباتي فيما يخص الملف السوري .. أبدأ اليوم سلسلة مقالات لتوضيح الدور التركي في الملف السوري
فاللاعب التركي في الثورة السورية كان أحد أهم اللاعبين الدوليين بل وهو أهمهم على الاطلاق, بل أن أهمية الدور التركي للحفاظ على نظام بشار تفوق بكثير حجم الدور الروسي في سوريا وبينما كتبت عن دور أولاد سعود وقلت في أكثر من مناسبة أن تدخل أولاد سعود في الثورة السورية هو في الحقيقة للحفاظ على نظام بشار (أول تعليق) وتحدثت حتى عن موضوع حرق قنصلية أولاد سعود في ايران وقلت ان هذه اللعبة هدفها اعادة تقديم اولاد سعود للداخل السوري حتى تلعب دوراً أكبر في الملف السوري, إلا أنني لم اتناول الدور التركي الا مؤخراً بل واغلب الكتاب والاعلاميين والصحفيين يشيرون للدور التركي كما لو كان دوراً ايجابياً والحقيقة غير ذلك تماما فلم يضر بالثورة السورية قدر ما اضر بها الدور التركي.
وحين أتحدث عن الدور التركي, فأنا هنا أتحدث عن دور الحكومة التركية وعلى رأسها اردوغان ولا أعني بطبيعة الحال, مسلمي تركيا, فمسلمو تركيا هم أهلنا تماما كأهلنا في سوريا وكأهلنا المسلمين في كل بلد مسلم ولا ينسى المسلمون لمسلمي تركي الدور الذي لعبوه خلال أربعة قرون كانوا فيها درعاً للإسلام حتى اسقطت المؤامرات, الخلافة العثمانية.
ونعود للحكومة التركية ودورها في الملف السوري ,,
فما كان لتركيا أن تلعب هذا الدور المؤثر الذي ادى في نهاية الأمر إلى تجميد الثورة السورية والحفاظ على نظام بشار, إلا بسبب الغموض الذي احاط بتوجهاتها
ولا شك ان اردوغان استطاع بتصريحاته النارية في الشأن السوري أن يحصد شعبية كبيرة لدى العرب مكنته من لعب هذا الدور الخطير. وكلنا يذكر تحذيراته حين قال في بداية المجازر التي ارتكبها بشار ونظامه, أنه لن يسمح بحماة أخرى وكانت النتيجة أنه كانت هناك مئات المجازر اليومية وتم ذبح مسلمي سوريا في مجازر فاقت في وحشيتها مجازر المغول حتى اقترب عدد الشهداء السوريين من المليون شهيد حسب بعض التقديرات غير الرسمية.
كانت هذه التصريحات العنترية وغلاف الشعبية الذي احاط به اردوغان نفسه هو ما مكنه من فرض الوصاية على الثورة السورية وتفريغها من مضمونها ثم تهدئة كل النقاط المشتعلة ضد نظام بشار فيما عُرف باسم اتفاق استانا 2017 والذي تم برعاية روسية ايرانية تركية.
وكان هذا الإتفاق بمثابة تجميد للثورة السورية مما مكن النظام السوري من ان يلتقط انفاسه بعد ان اوقفت استانا انهياره المتسارع. ليبدأ في تصفية بؤر الثورة السورية وقد انفرد بكل منها على حدة ولم تمض سنة على اتفاق استانا حتى سقطت درعا مهد الثورة السورية في يد نظام بشار بعد 7 سنوات من الثورة.
وبعد سقوط درعا بشهور قليلة عادت الحكومة التركية لتتدخل من جديد وتقدم طوق النجاة للنظام السوري باتفاق ادلب الذي وفر على عصابات بشار وعلى روسيا وعلى ايران الحرب في أخر جبهات الثورة السورية وسلمت رقاب 3 ملايين مسلم لنظام بشار برعاية روسية تركية لتبدأ في ادلب نفس سلسل الأحداث التي أدت لسقوط درعا قبل شهور.
لقد اصبح من الضروري كشف حقيقة الدور الذي لعبته الحكومة التركية في تجميد الثورة السورية وسوف أتناول من اليوم ان شاء الله في عدة مقالات أو تدوينات, تحليلاً للأحداث التي ادت إلى التدخل التركي وهي أحداث يتضح بتحليلها أن الدور التركي لم يكن ضد بشار كما كانت تشير التصريحات العلنية لاردوغان بل كان الدور التركي في الحقيقة لصالح بشار ونظامه, وأنه مهما كان العداء بين الطرفين في العلن وفي التصريحات الرسمية, إلا أن تصرف الطرفين كان عكس تصريحاتهما العلنية, فتركيا تصرفت كما لو كانت تريد التدخل في الثورة السورية وحين تدخلت لم تقم بانقاذ الثورة السورية بل وجهت فصائل الثورة وجهة خاطئة وعزلت بعضها وفرقت بينها, ثم انتشرت وجهات النظر المدافعة عن الحكومة التركية والتي تدعي انه النظام التركي لن يستطيع محاربة العالم كله (رغم تدخله العسكري فعلياً داخل تركيا ورغم ان احداً لم يطلب منه محاربة العالم ولا حتى الحرب بالوكالة عن مسلمي سوريا) والنظام السوري من ناحية أخرى, لم يتصرف كدولة انهار نظامها وانهار جيشها وتتحاشى توسيع المواجهة مع دول أخرى بل تصرفت بطريقة تخالف ما يمكن ان تتصرف به دولة في موقعها فبدت كما لو كانت تستفز ردود افعال تركية بعينها وكما لو كانت تسعى لتوسيع المواجهة رغم ان جيشها انهار امام ثورة مسلمي سوريا.
ما ساقدمه ان شاء الله في المقالات والتدوينات الخاصة بموضوع الدور التركي في الثورة السورية هو صورة غير الصورة التي تنقلها وسائل الاعلام الرسمية وغير تصريحات الاطراف العلنية ولكنها الصورة الحقيقية التي تتفق مع النتائج المزرية التي وصل إليها الوضع في سوريا بعد ثورة دفع فيها مسلمو سوريا دماءهم وتعرضوا لما لم يتعرض له غيرهم.