آيات عرابي تكتب | دماء بائع الشاي!

هل تذكر مسلسل ريا وسكينة ؟
حسناً
المسلسل نفسه مأخوذ عن كتاب بعنوان رجال ريا وسكينة وهو يرسم صورة شديدة القتامة لحياة سوداء تُزهق فيها الأرواح من أجل 3 جنيه.
في الكتاب كان سبب إصرار العصابة على قتل إحدى ضحاياهم هو أنها طالبت عضو العصابة عبد الرازق بقرطها الذهبي الذي سرقه وحسب الكتاب, فإن عبد الرازق كان يرى أن القرط الذهبي ثمن مستحق للعلاقة بينه وبين الضحية.

هذه السطور قد تنجح في شرح الأسباب التي دعت أمين الشرطة لقتل بائع الشاي. أمين الشرطة وضابط الشرطة وضابط الجيش و لواءات المجلس العسكري ينتمون إلى نفس الخلفية الحيوانية لعبد الرازق الذي كان يرى أن من حقه ان ينتقم من ظروف حياته الصعبة بإزهاق الأرواح.

كومة من الطموحات الشخصية قُتلت واختُزلت في الحلم بانتظار وجبة نهاية الاسبوع التي ربما احتوت على اللحم, سنوات تصفعه فيها قواعد الحياة التي وضعها العسكر ليظل خلف شبكة الفلتر العسكري لا يسمح له بالمرور إلى حياة كريمة كهؤلاء المرضي عنهم من النخب واللصوص وقطاع الطرق المتناثرين في مفاصل المؤسسات.

هو واحد من ملايين احتُجزوا خلف شبكة الفلتر الكبير الذي بناه الأخ الأكبر الركيك, الأخ الأكبر هنا نسخة صينية مقلدة ركيكة خشنة باعثة على الضحك ولكنها تعمل مع بائع الشاي وغيره بكفاءة.
ديدان الأرض هم من يشرفون على تشغيل الفلتر الذي لا يمرر الا أقل القليل, راقصة خليعة, رجل أعمال دفع الجزية العسكرية لصندوق تحيا ماسر, محافظ كانت أمه مديرة مكتب محافظ سابق .. الخ

عملية انتقام مستمرة منذ 200 عام, حكام يتولون حكم مصر لينتقموا من فقرهم ومعاناتهم الشخصية في شعبها. تاجر الدخان محمد علي الذي كان يعمل بائعاً لدى تاجر يهودي في قولة, ومن بعده أبناؤه, ثم طائفة الضباط الجوعى الشرهين للمال والذين قال احدهم بعد ان شغل منصب مدير مخابرات عبد الناصر (كنا ديدان الأرض)
عينات جديرة بالدراسة, فقراء ومهمشين يصعدون للحكم فيقررون الاستيلاء على ما بجيوب الشعب وتحويله إلى فقراء.

روى الرئيس محمد نجيب, كيف طلب منه المقبور عبد الناصر طباعة 10 آلاف جنيه له ولكل عضو في عصابة ضباط السي آي إيه لتأمين مستقبلهم.
السادات هو الآخر كان يتعامل مع الشعب باعتباره (شعبه).
المخلوع هو الآخر كان يعاني من حالة حقد غير عادية على المجتمع, وليس سرا أنه كان مكروهاً في مسقط رأسه بين أفراد عائلته, فقد كتب عدد غير قليل من الصحفيين عن احتقاره لأسرته ومسقط رأسه الذي كان يذكره بأيام فقره.
المخبول الحالي الذي كان يسكن مع أخوته وجده سطح منزل في الجمالية ويبيت في عشة الفراخ (ليست مبالغة), فضحه أحد التسريبات التي كان يتحدث فيها عن رغبته في إفقار الأسر.

ديدان الأرض تنتقم من ملح الأرض.
الاحتلال الأوربي لم يكن يعبث, كان ينتقي أسوأ البشر وأشدهم دناءة ليسلمهم مفاتيح مصر, ينتقي اشخاصاً متخمين بعقد النقص لتظل المعركة المجتمعية مستعرة.
فقراء ومهمشين الأمس يحولون الشعب كله إلى فقراء سلطوا عليه أذنابهم وبعوضهم ليجلدوا ظهره ويقتلوه.
كلهم وجدوا وسائل غير شريفة للقفز على حواجز الفقر.
لن تجد بينهم من كان ابناً لفلاح اجتهد في مراحل التعليم حتى صار مهندساً ثم أستاذاً بالجامعة ثم انتخب رئيساً
نفوس ان فتشتها, تجد خلفها نابشي قبور وآكلي جيف موتى ولصوص أكفان.
وفي المقابل, ترى حالة من الخنوثة الثورية لدى البعض, تجد من يختزل الثورة وهي عمل مستحق لا بديل عنه, على انها مجموعة من الهتافات والصراخ.

منطق فيلم باتمان
مجرم ما قتل والديه, ثم حوكم وحصل على البراءة, يتقدم باتمان حاملاً مسدسه ليقتص من قاتل والديه, فيجد رصاصة تعاجل المجرم من مكان ما.
وفي الخارج تنتظره صديقته, التي تصفعه حين تعلم أنه كان بصدد القصاص من القاتل.
البعض يتصرف بنفس الخنوثة, يصفع المطالبين بالقصاص والبعض الآخر ينتظر رصاصة مجهولة تصيب القاتل في منتصف جبهته.
والبعض الآخر يحاول أن يجبرك على ابتلاع ما يسميه بالـ (مؤسسات) وهو كذاب يعلم تمام العلم أن من يقتل ويتخابر ويخون هو تلك المؤسسات.
يعلم انها مؤسسات احتلال أنشأها الاحتلال وتعمل كوكيل للمحتل ولا تقيم وزناً لدماء البشر ويظل على تفاهته وسذاجته يحدثك عن الحفاظ على المؤسسات.
وبين تلك الأصوات المعوجة تتعطل تروس الثورة وتضيع دماء بائع الشاي.