آيات عرابي تكتب |صفعة للانقلاب من فلسطين !

 

لم أستطع منع نفسي من مشاهدة الفيديو أكثر من مرة، ولم أستطع منع ذلك المزيج من مشاعر الفخر والأمل حين شاهدت شبابا فلسطينيين في جامعة حيفا يضعون ذلك الأكاديمي المصرائيلي الانقلابي الداعي للتطبيع في حجمه.

لم تدهشني تلك الدرجة من الوعي في الحقيقة، فهو أمر معتاد وطبيعي بالنسبة للشباب الفلسطيني الذي صقلته نار الصراع المشتعل، بل لست أبالغ إن قلت إن نسبة الوعي وإدراك قضايا الأمة تزيد في فلسطين عن مثيلاتها في باقي بلادنا الإسلامية؛ نتيجة ظروف صنعها الاحتكاك المباشر مع العدو ووضوح ثوابت الصراع.

في الفيديو الذي تبلغ مدته أربع دقائق تقريبا تسمع حوارا سياسيا راقيا منسابا من فم ذلك الطالب الفلسطيني النحيل، وترى انفعالا صادقا واعيا بقضية الأمة، تلمح ذلك في جمل شديدة التركيز قالها الشاب لذلك الداعي للتطبيع، فأوقفه مخزيا منكس الرأس (أنت عبد للرجل الأبيض)، حقيقة لا يدركها كثيرون عن أشباه المثقفين الذين درسوا في أوروبا، ثم عادوا إلى بلادنا وقد مُسِخَتْ عقولهم بعد أن سحرتهم أضواء مدن أوربا وأمريكا، ليسوقوا بضاعة تافهة براقة المظهر خاوية الجوهر مثل العلمانية، وليعطوا الاحتلال والتخريب ونهب الثروات واستعباد المسلمين أسماء أرق تُخفي خلفها حقائق سوداء، وليسعى بعضهم لهدم ثوابتنا، كيوسف زيدان الذي كلفه شاويش الانقلاب بنفي وجود المسجد الأقصى.

تسمع من هؤلاء كلمات متنطعة متقعرة مثل تعايش – الحداثة – الاغتراب الشمندوري، إلى آخر تلك المصطلحات المعقدة التي صنعت في معاهد أبحاث المخابرات الغربية لتخدير الشعوب الإسلامية.

يجلس أحدهم أمام الشاشة ليضع ساقا على ساق، ويصعر خده للكاميرا؛ ليمارس الاستربتيز الفكري، محدثا الجمهور المبهور عن “التعايش” أو “الحداثة” أو “البساسة”، وكل ما يجيده هؤلاء من رطانة لا تفهم منها شيئا، ولا يختفي خلفها إلا خواء وفراغ وإفلاس فكري.

الشاب الفلسطيني وقف منفعلا يشير بيده، ليعطي ذلك الأكاديمي “المتعايش” المتصهين درسا بكلمات واضحة عن “دم الشهدا”، ولم يجد ما يرد به على الشاب سوى التهديد الأجوف المبني على ثقافة العبودية العسكرية التي ورثها أمثاله من طول عملهم لصالح أجهزة أمن مستعمرات العالم الثالث، فرد عليه قائلا إنه لو كان في مصر لكانوا قبضوا عليه ووضعوه في السجن لو قال مثل هذا الكلام!

شاب آخر جالس في نهاية القاعة وجه له صفعة هادئة بطريقة بسيطة وبلهجته الفلسطينية المحببة قائلا:
“روح احكي هدا لعيلة الدوابشة.. روح احكي لهم عن التعايش”

الدش البارد الذي تلقاه الأكاديمي المصرائيلي المطبع انتهى بطبيعة الحال بزفة فلسطيني محترمة ختمها الشباب بوصفه بالعميل كما هو متوقع.

خلف هذا المشهد الواضح تدور مشاهد أكثر قتامة في الكواليس، فذلك أكاديمي يدرس في جامعة مصرية، حصل على تأشيرة لزيارة الأراضي الفلسطينية المحتلة من سفارة الكيان الصهيوني في القاهرة، وقبلها لا بد أنه تلقى توجيهات في مكتب ما من مكاتب أجهزة مخابرات الانقلاب حول محاور المحاضرة، وخلف تلك المشاهد في كواليس الكواليس، لا استبعد عقد اجتماعات في مصر في بين شاويش الانقلاب الصهيوني وأسياده من فراشي الموساد حول الدور الذي ينبغي على عصابة الانقلاب في مصر أن تلعبه لتبريد الانتفاضة التي تحرم أسيادهم الصهاينة من النوم.

مخطط كامل لتبريد الانتفاضة يدور بأكثر من محور، من بينها المحور الإعلامي والأكاديمي، ومجهود ضخم يبذله الاحتلال الصهيوني وصبيانه في الكواليس.

مجهود ضخم تبذله أجهزة الاحتلال الصهيوني، ومؤامرات ينفذها صبيانهم عسكر انقلاب مصر، لكنها في النهاية أوهن من بيت العنكبوت، تهدمها صيحات شاب فلسطيني واعِ يهتف ضد التطبيع، أو طالب مصري يتظاهر ضد العسكر.