آيات عرابي تكتب | لمن يريد فهم الوضع في سوريا

تحليل سياسي
لمن يريد فهم الوضع في سوريا خاصة بعد أن استهدفت روسيا عدة مواقع تركية في محيط إدلب و خلفت 34 قتيلا تركيا الأمر الذي استلزم من تركيا أن ترد بعنف خلال اليومين الماضيين و أن تطلق يد الفصائل المسلحة لاستعادة سيطرتهم على بعض القرى في إدلب
و الحقيقة أن النظامين الروسي والتركي يتبادلان أقـذر الأدوار لتقسيم سوريا في رأيي
كما ذكرت في تحليل سابق لي
دور اردوغان التخريبي في سوريا اكبر من قدرات البعض
و الوضع المتوتر في إدلب يصعب كما قلت حتى على عتاة التحليل السياسي توقعه و تحليله في نطاقه الصحيح
ما يحدث في سوريا عبارة عن مباراة مصارعة متفق عليها تتم تحت سمع و بصر الجميع ليبقى المجرم بشار في منصبه و ليتم تبييض وجوه البعض
كل الأمور تشير الى أن ما يحدث الآن من الأعمال العسكرية التي تقوم بها تركيا تندرج تحت مخطط عمل عسكري لحفظ ماء وجه تركيا خاصة بعد أن فقد السوريين الثقة في اردوغان خلال العامين الماضيين خاصة بعد أن فقدت المعارضة السورية الموالية لتركيا السيطرة على العديد من المناطق التي كانت تسيطر عليها بالفعل و أصبح لسان حال السوريين يقول أنه بعد كل تصريح ناري لاردوغان علينا ان نتوقع المزيد من تسليم القرى و المناطق الحيوية لنظام بشار
و أيضاً بعد تصريحات روسيا الأخيرة و التي أكدت انها لا تريد من اردوغان سوى الوفاء بعهده في التخلص من (البؤر الأرهابية ) حسب تصريحات لافروف و أنهم لا يريدون محاربة تركيا
في نفس الوقت تجد اردوغان يرفع وتيرته الخطابية التي لا تخرج عن بعض الخطوط الحمراء التي غالبا ما يتم بعدها تسليم عدة قرى و مناطق حيوية لنظام الأسد و آخر تلك التصريحات منذ أيام و الي تم بعدها تسليم المنطقة المجاورة لمطار حلب و كلنا سمعنا المجرم بشار و هو يلقى خطاب الانتصار في حلب و يشكر جيش روسيا المجرمة و جيش ايران المجرم
بشار الأسد لم يكن يحلم اصلا بأن يستعيد مطار حلب لولا خيانة اردوغان الذي أمر الجيش الحر للخروج من المنطقة و جرهم الى معارك حربية جانبية بعيدة لاستعادة قرية هنا أو طريق هناك لتنتصر قوات روسيا و تعيد حلب الى كنف بشار
و السؤال الآن ماذا بقيت من المناطق التي كانت تسيطر عليها قوى المعارضة قبيل اتفاق استانا الذي أجبر المعارضة على خفض التسليح و بالتالي ساعد قوات روسيا الموالية للأسد على الاستيلاء على معظم هذه المناطق و إعادتها لنظام بشار و من بعده اتفاق سوتشي
بل هناك عدد من التساؤلات الذي يجب ان ينتبه اليها الجميع :
ماذا كانت تفعل الدوريات التركية الروسية في ادلب والتي كان من المفترض ان تحمي أهالي ادلب على مدار العامين السابقين و عقب اتفاق سوتشي ؟
ماذا فعلت النقاط التركية في ادلب حين كانت الطائرات الروسية تقصف القرى و تروع الآمنين خلال العامين الماضيين مما تسبب في نزوح أكثر من مليونين من سكان ادلب ؟
بل ماذا فعل الجيش التركي في ادلب خلال هذين العامين أيضا؟؟
لماذا لم يتحرك اردوغان الا في هذا التوقيت بالتحديد؟
للأسف تحركه في هذا الوقت و بهذا العنف يضلل المغيبين و لكن تحركه هذا يثبت خيانته للثورة السورية أكثر من أي وقت مضى
دعوني أشرح لكم
قبيل اتفاق آستانا أثبت النظام السوري فشله في مواجهة الثورة السورية وتحطم جيشه تماماً واضطر الى الاستعانة بعصابات حزب اللات ولما تآكلت قواعد حزب اللات وفشل في وقف فصائل المعارضة, تمت اولا الاستعانة بايران وفشلت ايران ايضا فاضطر المجرم بشار بالاستعانة بروسيا ولأن روسيا كان تخشى من البداية ان تلقي بنفسها في أتون اللهيب السوري, عمدت الى قصف المدن السورية بصورة وحشية لتعويض عجزها عن مواجهة فصائل الثورة السورية على الارض
بعد اتفاق استانا تعمدت روسيا ضرب المناطق السكنية لأن أحد اهم اهداف الحرب في سورية هو نزوح للمدنيين و تغيير البنية السكانية
في اتفاق استانا 2017 اتفق المجرم بوتين وروحاني قتلة المسلمين في سوريا مع باردوغان على ما سمى بمناطق خفض التصعيد و هو الأسم المخفف للهدنة او تسليم السلاح
وقتها لم ينتبه احد الى ما جاء في اتفاق استانة (الاتفاق على سيادة الدولة السورية)
وهو ما يعني بمنتهى الصراحة الاتفاق على الحفاظ على نظام بشار
طبعا لم تكن روسيا ولا ايران بقادرتين على اقناع فصائل المقاومة بتلك الجريمة
لولا التدخل التركي بسمعة اردوغان الاسلامية التي تسبقه
لم ينتبه احد ايضا الى ان دولتين من ضامني تنفيذ الاتفاق هما قتلة السوريين وهما ايران وروسيا
وبعد اتفاق استانا 2017 اصبح بمقدور النظام السوري ان يتنفس بعد تبريد كل الجبهات المذكورة في اتفاق استانا مرة واحدة وتم وقف انهيار النظام السوري عن طريق هدنة مشبوهة (وهو انهيار لم تنجح في وقفه روسيا ولا ايران ولا حزب اللات)
ومع ذلك بقيت الثورة السورية متقدمة ولم يفلح التدخل الروسي في اعادة النظام السوري الى سابق عهده
الى أن جاء اتفاق سوتشي و الكل يعلم ما حدث
اتفاق سوتشي الغادر الذي ورط فيه اردوغان 4 مليون مسلم في ادلب لتقوم روسيا بقضم ادلب في أقذر عملية في التاريخ
العمليات المسلحة التي تقوم بها تركيا في ادلب ليست بهدف استرجاع القرى و المناطق التي سيطر عليها بشار ( ما يحدث من كر وفر) و لكن في اعتقادي ان الهدف منها هو تعزيز موقفه السياسي على مائدة المفاوضات المرتقبة مع روسيا و بالتالي حفظ ماء الوجه امام الداخل التركي و امام ملايين العرب الذي يرون في اردوغان الرئيس المسلم الوحيد الذي يحارب من أجل السوريين, و الحقيقة ان اردوغان يحارب من أجل مصالحه السياسية و لو كان بالفعل يحارب من أجل مساعدة الثوار لكان فعلها منذ عامين و هو يرى الطيران الروسي يقصف القرى دون أن يحرك ساكنا
كان فعلها منذ عامين و زود المقاومة بمضادات الطيران لمواجهة القصف الروسي
اردوغان يعلم تماما ما يفعله و هو لا يدخل حربا من أجل السوريين و يدخل نفسه في مواجهة عسكرية غير محسوبة , على العكس ما يحدث محسوب و بمنتهى الدقة
و لكم في مسرحية اكتوبر العبرة يا أولي الألباب
مسرحية اكتوبر دبرتها امريكا بمشاركة موشي ديان لتنتصر مصر انتصاراً محسوبا في البداية و تعبر القناة و ترفع العلم ثم تنتهي الحرب بهزيمة الجيش المصري ليجلس السادات على مائدة المفاوضات مع اسرائيل واهماً شعبه انه انتصر على اسرائيل
نفس الشيء في المعركة الطاحنة التي تدور الآن في ادلب و الهدف النهائي هو تقسيم سوريا كما ذكر في دراسة استراتيجية اسرائيل في الثمانيات و كما تم توضيحه في خريطة الدم
و ما سايكس بيكو الأولى ببعيدة عن ذاكرتنا حين تم اقحام جيوش الدولة العثمانية في حروب كانت نتيجتها في النهاية اعلان سقوط الخلافة و تقسيم ممتلكاتها الى دول و دويلات سايكس بيكو
ما يحدث من مواجهة عسكرية بين جيش تركيا و روسيا في سوريا سيدخل تركيا الى منطقة مظلمة قد تكون مقدمة لتقسيم تركيا نفسها حسب خريطة الدم لإقامة الدويلة الكردية ( شرحت موضوع الدويلة الكردية من قبل)
ما يحدث الآن على الأرض في سوريا موجه بالدرجة الاولى الى الداخل التركي الغير راض عن تدخل اردوغان في سوريا و الى الفصائل المسلحة و من ورائهم الجمهور العربي العريض لكي تظهر تركيا بمظهر البلد الوحيد الذي وقف الى جانب الثورة السورية و لتبرئة اردوغان من تهمة الخيانة التي لحقته في السنتين الماضيتين
للأسف ما يحدث في ادلب ما هو الا مقدمة للجلوس على مائدة المفاوضات السياسية لعقد صفقة جديدة بين بوتين و اردوغان مثل صفقة مدينة الباب التي حصل عليها اردوغان مقابل تسليمه حلب
للأسف يحدث كل هذا في وقت يتم نزوح اهالي ادلب و هروبهم من جحيم بشار الى جحيم المعاملة الفظة في اوروبا
في النهاية لا أملك لإخواني في سوريا الا الدعاء و توضيح خطورة اللعبة التي يتعرضون لها
و مرة أخرى ( أتمنى ان أكون مخطئة) و أن ينصر الله أخوتنا في سوريا بعيد عن الألعاب الدولية القذرة
اللهم افضح كل من تآمر على مسلمي سوريا
اللهم رد كيد من تآمر على مسلمي سوريا في نحره
اللهم ارنا انتقامك من كل من تآمر على المسلمين وساعد في سفك دماءهم
** الصورة المرفقة ارشيفية