من المضحك أن تتخيل الحوار الذي دار بين الشاويش وديفيد كاميرون بعد أن تركه الأخير ينتظر لمدة ساعة لتسلم جائزة وحتى ينتهي من غدائه.
لابد أن الشاويش هب واقفا وأدى التحية العسكرية.
ومن المؤكد أنه تنفس الصعداء لأن كاميرون تذكره.
ولابد أنه كان يقف منكس الرأس كعادته عاقدا كفيه كما كان يفعل في حضرة الرئيس مرسي.
ولابد أن الشاويش افتتح الحوار بلباقته المعهودة: ليت مي توك باي ارابيك بليييز
ثم خاطب رئيس الوزراء البريطاني، بعد ان سمح له هذا الأخير بالجلوس, قائلا: شعب ميسر العزيم
ومن المؤكد أن الحوار دار حول (الإرهاب – المجابهة – سحيح –تجديد الخطاب الديني – التحديات – ما يصحش كدة – تحيا ماثر ثلاث مرات).
وهو حوار يناقش مستقبل العلاقات بين البلدين في ظل التحديات الراهنة أو أي شيء من هذا القبيل. ولا تنسى العنوان التقليدي عن كسر كاميرون للبروتوكول ولا تضحك، فهذا ما ستقرأه في صحف الانقلاب.
الصورة المضحكة التي نشرت لديفيد كاميرون وهو يضع يده على رأسه أثناء المؤتمر الصحفي/ فيما يلقي صاحب الفلاتر كلمته تشي بأن ردود ديفيد كاميرون اقتصرت على التثاؤب.
لا تقف كثيرا عند دخوله من الباب الخلفي لمقر مجلس الوزراء، فقد أدمن الدخول من الأبواب الخلفية وأصبح يستمتع كثيرا بالإفلات من الطماطم والبيض كما أن ثوار مصر في بريطانيا قد أحكموا الحصار حوله، فأجبروه على الدخول إلى مجلس الوزراء بتلك الطريقة المهينة.
ولا تقف كثيرا عند تصريحه للبي بي سي والذي قال فيه إن على بريطانيا أن تستكمل ما بدأته في ليبيا وإلا تتركها للإسلاميين، فقد اعتاد الشاويش أن يمارس الاستربتيز قبيلا كلا زيارة خارجية، حتى أنه اعترف لإحدى الصحف أنه يعمل على ضمان أمن الكيان الصهيوني.
حتى تصريحه الفج الذي قال فيه إن الشعب جزء من الجيش لم يثر إهتمامي، فقد أصبح معلوما للكافة أن ذلك الجيش يرى مصر إقطاعية ورثتها منذ عهد المقبور عبد الناصر وتتصرف كأي قوات احتلال تقرأ عنها في كتب التاريخ.
تستحق المساخر التي حفلت بها الزيارة أن يُفْرَدَ لكل منها تعقيب منفصل، ولكن ما لفت انتباهي بشدة هو أن صدور تصريح رسمي بريطاني يقول إنه من المرجح أن تكون الطائرة الروسية التي سقطت في سيناء قد تحطمت بفعل قنبلة زرعها مسلحو ولاية سيناء.
وأن يأتي هذا في اليوم التالي على تصريح الشاويش أنه من المهين لمصر القول بأن ولاية سيناء هي من أسقطت الطائرة.
ولم يتوقف الأمر على ذلك، بل تحولت مسألة الطائرة التي أُسقطت في سيناء في وجود الجيش والمخابرات البائسين، إلى مباراة تنس طاولة بين بريطانيا وأمريكا من جانب وروسيا من جانب آخر، إذ رد المتحدث باسم الكريملين على التصريحات البريطانية والأمريكية قائلا: إنها غير جديرة بالثقة.
بريطانيا تضرب الكرة، فتردها روسيا وبينهما يقف الشاويش متادبا لا يملك الرد، وخلفه، تمتد خرائب ما تبقى من مصر بعد أن غرقت الإسكندرية وكفر الشيخ والبحيرة وغيرها من المدن وتهدم الجنيه أمام ضربات الدولار وفرغت الخزانة وقاربت مصر على الإفلاس وسقط كل شيء.
وحتى يستوعب المغيبون، كيف يُعامل صبيان الانقلابات في الغرب، فليقرؤوا ما كتبته التليجراف التي قالت إن كاميرون تناول الغداء ثم تسلم جائزة أفضل برلماني للعام وبعدها أسرع لمقر رئاسة الوزراء متأخرا ساعة وعلق الكاتب قائلا إنه من المؤكد أن الشاويش شعر بالفخر حيث حشره رئيس وزراء بريطانيا في جدول أعماله المزدحم.
قل لي بربك، هل كان من الممكن أن يحدث هذا مع الرئيس مرسي؟
قارن هذا الاستقبال المذل بنظرات الرئيس مرسي في ساعته في مؤتمره مع ميركل وهو المشهد الذي أشبعه إعلام العسكر ونشطاء السبوبة سخرية، فعاقبهم الله بشاويش انقلابي يتركه كاميرون ينتظر حتى ينتهي من غداءه !!
في الحقيقة لا أستطيع أن أمنع نفسي من الشماتة في كل تلك الإهانات التي تلقاها شاويش مسافة السكة، فالله لا يصلح عمل المفسدين.
