آيات عرابي تكتب| مجوهرات انچي وتقنين السلب والنهب


من أسوأ المشاهد في فيلم رد قلبي المقرر سنويا في ذكرى إنقلاب الرعاع
أو أسواها على الإطلاق هو تقنين الشحاتة والسلب والنهب للعسكر في وجدان الشعب

مشهد شكري سرحان أو علي وهو يستولي على صندوق المجوهرات الخاص بالأميرة انچي

هذا المشهد كان يرسخ لمفهوم اجرامي

أسلوب البلطجة على الشعب

وكعادة السينما تم تطعيم أو تغليف المشهد بحالة من الرومانسية حين طلبت إنچي من علي بانكسار ان تحتفظ بالسلسلة التي أهداها لها من قبل، وظهر المشهد وكأنه عادي جدا ان يأخذ علي صندوق مجوهراتها وكأنه حق مكتسب له وللضباط الرعاع

الفيلم بالكامل هو عمل من أعمال غسيل المخ يسيطر على مشاعر من يشاهده ويتجه به في اتجاه غير طبيعي
فبغض النظر عن ان والد انچي كان باشا وأن هذه الطبقة كانت مستهدفة من فئة الضباط الرعاع عملاء السي آي إيه، لكن من حق الأب مثلا ان يرفض شخص متقدم لخطبة ابنته بسبب فرق المستوى المالي بينهم
بمعنى أنه حتى في الطبقات المتوسطة، لو جاء للأسرة عريس مستواه المادي أقل من مستواهم المتوسط ولن يستطيع الإنفاق عليها ستجد هذه الأسرة ترفضه فورا، واي اخ عنده نخوة لو رأى شخص يحاول أن يمسك يد اخته مؤكد أنه سيتصرف معه بعنف، بل أني أكاد أسمع جموع الشعب المصري الآن بعد تجربتهم مع شاويش اللنضة الموفرة وهو يتوسل إلى علاء أن يضرب علي وحسين بالرصاص

الفيلم مثل كل افلام السينما يحول الشيء العادي لدراما
ويجعلك لا تتعاطف فقط مع علي، بل يجعلك تتوحد معه
ويؤهلك نفسيا للحظة الانتقام في اخر الفيلم مهما كانت غير منطقية
ويجبرك في نهاية الفيلم ان تصبح سعيداً وشامتاً وأنت ترى علي يدخل إلى سرايا الباشا ويقوم بالاستيلاء على املاكه وصندوق مجوهرات ابنته، لأن المشاهد المتراكمة في الفيلم خلقت بداخلك حالة من الحقد عليهم

مع ان الاسم الطبيعي لهذا التصرف هو السرقة

ولكن الفيلم نجح في جعلك تتعاطف في النهاية مع جريمة سرقة و ترضى بظلم جزء من الناس
حتى وان كان هناك طبقة من الإقطاعيين من الاضيش الملك فاروق والمستفيدين من عهد أسرة محمد علي، فبالتأكيد أن ضباط السي آي كانوا أكثر لصوصية وفساداً منهم، مجموعة من ديدان الأرض أتوا بهم من قاع المجتمع لإفقار وتجويع الشعب المصري، في المقابل سرقة كنوز من القصور المسروقة أصلا، رغم تشدقهم بأنهم سيعيدون هذه الثروات للشعب

الفيلم باختصار يقلب المفاهيم لدى المتلقي

يقوم بتحويل الاستثناء والفساد الموجود الى قاعدة

وحين تنظر إلى الواقع تجد ان الاسر الفاسدة شديدة الفساد التي ظهرت على الساحة منذ عهد محمد علي مازالت مستمرة في الحياة السياسية وعلى نفس الدرجة من الفساد

اسرة بطرس غالي مثلا

وهي من الأسر التي ظهرت على الساحة في عهد أولاد محمد علي واستمرت إلى أن أكرمنا الله بنـ فـ وق المدعو بطرس غالي جزار البوسنة والهرسك
وحين تتعمق أكثر في دراسة الآثار الاجتماعية لانقلاب 52 تجد أن مجموعة الضباط الألاضيش الجعانين الذين قاموا بالانقلاب كان لديهم حقد اجتماعي غير عادي على كل الطبقات

ففي كتاب (اعترافات اعتماد خورشيد) تقول اعتماد أن صلاح نصر تزوجها بعد أن اجبر زوجها على تطليقها وهي حامل
وتقول أيضا ان صلاح نصر قال لها (قبل الثورة كنا ديدان الأرض)

و هناك صورة شهيرة للمقبور عبد الناصر وهو يرتدي كل اوسمة الملك فاروق نشرتها عدة مرات على صفحتي، وهي صورة لا تُعرض في إعلام العسكر في مصر

لأنها تقوم بنسف ادعاءات الناصريين الذين يدعون انه كان نظيف اليد

وفي كتاب “كنت رئيساً للجمهورية” لمحمد نجيب

حكى قصة تكشف حالة الطمع والرغبة في النهب عند المقبور عبد الناصر
والكلام هنا لمحمد نجيب:
” وذات صباح لا أنساه وقعت مفاجأة مذهلة لا أنساها حتى اليوم ..
كنا أنا وجمال عبد الناصر نركب سيارة, ونتوجه إلى نادي الضباط في الزمالك, لنهنيء الضباط بعيد الأضحى .. فهمس لي عبد الناصر, وقال :

أني أود ان أعرض عليك أمراً ناقشته مع بعض الزملاء.
وانتبهت له ..
واعطيته كل حواسي ..
فقال :

أعتقد أن ظروفنا الآن تفرض علينا أن ننظر إلى مستقبلنا ومستقبل الثورة ونحن محاطون بالعواصف والأعداء ولا نعرف مصيرنا معها.
قلت له :
ماذا تقصد بالضبط ؟
قال :

لقد اتخذنا قراراً أرجو أن توافقنا عليه, وهو أن يأخذ كل عضو من أعضاء مجلس القيادة مبلغ عشرة آلاف جنيه, وتأخذ أنت أربعة عشر الفاً فيكون المجموع 134 ألف جنيه .. وقد طلبت من زكريا محيي الدين أن يحجزهم لنا من النقود الجديدة.
أحسست ساعتها بالغيظ .. وغلى الدم في عروقي .. وارتفع ضغطه في رأسي ..
ولم أحتمل هذا الحديث، فصرخت فيه :

اسكت .. اسكت :
وأخذت أعنفه بشدة .. وأهاجمه على استباحة أموال الشعب.. ورفضت أن يخلط بين أموال الناس وجيوبنا الخاصة وكدت أن أطلب منه أن ينزل من السيارة ..
فإذا به يضحك, ضحكة عصبية, ويرد علي وهو مرتبك :

أنا كنت متأكد أنك حترد بالشكل ده.
وبعد أن تماسك وملك نفسه, قال :

صدقني أنا كنت بامتحنك :
ولم أصدق بالطبع ..
من كتاب ” كنت رئيساً لمصر ” : ص ( 204 – 205 )”
ولكي تعلم حجم المبلغ وانه كان بالنسبة لأيامهم مبلغ فاحش لك أن تتخيل أن ايجار بيت محمد نجيب كان 2 جنيه و8 قروش تقريبا
يعني 50 جنيه في سنتين مما يعني أن المبلغ الذي كان يتحدث عنه المقبور كان يعادل ايجار بيت محمد نجيب لمدة حوالي 500 سنة الا شوية
(قيمة إيجار بيت محمد نجيب مذكور في صفحة 203 من نفس الكتاب)
قصة أخرى تنسف ادعاءات إعلام العسكر عن زهد عبد الناصر
اقرأ كتاب “صفحات من تجربتي” لعثمان احمد عثمان

في هذا الكتاب يحكي عثمان أحمد عثمان مؤسس شركة المقاولون العرب، قصة الفيلتين اللتين بناهما هو بنفسه لهدى ومنى بنات المقبور الحرامي عبد الناصر بالأمر على قطعة أرض بمصر الجديدة، وبعد أن يروي القصة يقول أن الرئاسة استدعته لمعرفة التكاليف، فقال انها هدية، فنهره ضابط الرئاسة (شخط فيه يعني) وقال انهم لا يريدون هدية من أحد ويجب دفع ثمن الفيلتين، فذكر تكلفة رمزية هي 5 آلاف جنيه للفيلتين، أي 2500 جنيه لكل فيلا، فتفاوض معه ضابط الرئاسة تخفيض السعر وتم تخفيضه إلى ثلاثة آلاف جنيه، يعني الف وخمسمائة جنيه للفيلا الواحدة

يعني عبدالناصر سرق قطعة أرض مملوكة للشعب في مصر الجديدة حتى يبني عليها فيلتين لبناته.
ثم سرق مواد بناء ومجهود عمال ومرتبات
ثم سرق 3 آلاف جنيه من ميزانية الرئاسة ( اللي هي مش فلوس ميراث بابي، دي فلوس الشعب ) وهذا يعني أنه لم يدفع مليم واحد في الفيلل التي سرقها لبناته، ثم يأتي أحدهم ويدعي زهد ونظافة يد عبد الناصر
بتاريخ 2 مارس 2014 نشرت جريدة السياسة الكويتية حوار مع المجرم الهارب شمس بدران والذي كان يشغل منصب وزير الحربية في عهد المقبور عبد الناصر ،وقال في هذا الحوار : “هيكل” جعل من عبد الناصر “نصف إله”
الدعاية الإعلامية الجبارة نجحت في تصوير عبد الناصر أنه يعيش في حالة تقشف وضنك، وأن طعامه ليس سوى كسرة خبز وقطعة من “الجبن القريش”، كما أن أبناءه عاشوا حياة صعبة، لم يستمتعوا فيها مثل غيرهم من أطفال مصر. واستدرك: لكن الحقيقة أن مسألة “الجبن القريش” ليس مبالغًا فيها بدرجة كبيرة، فإن عبد الناصر بالفعل كان أكثر أكله من الجبن، لكن ليس القريش، بل الجبن السويسري، وهو من أفخم وأغلى الأنواع، كما كان يوجد في المنزل- سواء في كوبري القبة أو الإسكندرية- مخزن يضم أفضل المأكولات والمعلبات المستوردة. أما بالنسبة إلى أولاده، فيمكن الرجوع إلى المهمات المتكررة التي كان يكلف بها سامي شرف بالسفر إلى لبنان لشراء متطلبات أسرة الرئيس من الملابس حتى لعب الأطفال”

وبالمناسبة، سامي شرف هذا كان عميلاً للمخابرات السوفيتية وكان مدير مكتب عبد الناصر للمعلومات وكان من ضمن من تم القبض عليهم في عهد السادات حين كشف الموساد للسادات مؤامرة انقلاب ضده تدبرها المخابرات السوفييتية عن طريق أشرف مروان وضابط مخابرات امريكي مثلما ذكرت من قبل بالتفصيل في مقالات سابقة
وهذا يعني أن روح المقبور اللص عبد الناصر كانت حاضرة في مشاهد فيلم رد قلبي

الفيلم لم يكن فقط للدعاية لانقلاب المخابرات الامريكية وتصوير مجموعة من الظباط الخمورجية الفاسدين على انهم انقذوا مصر، بل الهدف الأكبر من ذلك هو دور الفيلم في تقنين مسألة السرقة من الشعب

الفيلم نجح في ان يبرر سرقة وظلم طبقة من الطبقات وانتهاك حقوقها بحجة ان معهم فلوس أو لديهم ممتلكات

الفيلم كان محاولة تدمير متعمدة لنفسية الشعب ليبرر لقطاع الطرق والضباط اللصوص سرقتهم لاموال قطاع من الناس وما حدث أنه حين قبل الشعب بهذا جاء الدور على باقي الشعب ليتم نهبه وسرقته والاستيلاء على حقوقه

من انفعلوا مع الفيلم لم يدركوا انهم أُكلوا يوم أُكل الثور الابيض

دوافع الضباط الالاضيش للانقلاب والتعاون مع المخابرات الصهيونية كانت حقد مجتمعي رهيب ضد كل المجتمع
هناك تسجيل للواء مخابرات على قناة انقلابية وبعد الانقلاب يقول فيه ان لديهم مكالمة مسجلة لهيكل وعبد الناصر بيكلم فيها هيكل عبد الناصر ويقول له، “يا هيكل الناس بتوع الزمالك لسة بيكووا ياقات القمصان”
يقصد انهم لم يصبحوا فقراء بعد

انقلاب نفذه مجموعة من الضباط الحثالة يعادون المجتمع كله ويحقدون عليه وقبلوا ان يكونوا كلب مربوط في سلسلة تمسكها المخابرات الامريكية والمخابرات الصهيونية لتنفيذ اجندة تدمير في مصر
علاقة انقلاب يوليو بالمخابرات الامريكية وبالعصابات الصهيونية وعلاقة المقبور عبد الناصر نفسه بالمخابرات الصهيونية تحدثت عنها في عشرات المقالات (تستطيعون العودة لهذه المقالات على موقعي)

ما لا يعلمه البعض أن رئيس الوزراء الصهيوني هنأ الضباط الالاضيش بانقلابهم في خطاب في الكنيست بتاريخ 18 اغسطس 1952
(وقد قمت بنشر جزء من نص الخطاب على صفحتي التي حذفت من عدة سنوات ومن مصادره)

وما لا يعلمه البعض أيضا ان المقبور عبد الناصر كان يحب فتاة يهودية هاجرت من مصر قبل الانقلاب بشهر، وهو ما يدل على عمق العلاقة بين المقبور عبد الناصر وبين الصهاينة حتى قبل الانقلاب

وكما ذكرت من قبل في أكثر من مقال أنه في كتاب ليوسف درويش جد الممثلة بسمة زوجة عمرو حمزاوي (ويوسف درويش هذا كان ناشط شيوعي يهودي) حكى ان المقبور عبد الناصر كان يختبئ اثناء توزيع المنشورات الشيوعية في منازل بعض اليهود في حي السكاكيني

و في مذكرات الاميرالاي سيد طه وهو الرئيس المباشر للمقبور عبد الناصر في حرب 48، حكى ان الجانب الصهيوني طلب المقبور عبد الناصر بالاسم وانه حين قابل يروحام كوهين حضنه وانه قضى مع يروحام كوهين في الارض المحتلة اسبوعا كاملا

بعد ذلك وفي حوار لاحدى الصحف الامريكية قال يروحام كوهين ضابط المخابرات الصهيوني ان فكرة الثورة ولدت عند عبد الناصر في هذا الاسبوع

و الحاخام الاكبر لليهود المصريين امر اتباعه بجمع التبرعات للانقلاب بعد حدوثه
من كل هذا تستطيع أن تدرك ان دور المخابرات الامريكية كان دور المنفذ الذي يمهد الطريق، لكن الانقلاب في الاساس مثله مثل سهرة 30 سونيا

انقلاب صهيوني

وكلامي هنا ليس معناه ان الملك فاروق كان حاكم مخلص وشريف
ولا يعني أيضا ان محمد علي لم يكن عميلا أو مجرما
وقد شرحت من قبل وباستفاضة حقيقة ارتباط محمد علي بفرنسا
لكن هذا يعني ان المرحلة التي بدأت بالانقلاب كان مطلوب فيها دور كبير للجيش المصرائيلي للتمهيد لحضانة الكيان الصهيوني وحراسته

دور الجيش المصرائيلي هو دور محوري في حماية ورعاية الكيان الصهيوني
ولذلك تجد لعالم كله يقف وراء الجيش المصرائيلي ويدعمه
امريكا تقوم بتسليحه وتمنحه معونة عسكرية سنوية
عائلة سلول يقدمون له الدعم وكذلك الاتحاد الاوربي

كل هذا بسبب دوره في حماية الكيان الصهيوني ومنع المصريين من الثورة

ولذلك إذا أراد المصريون الخروج من هذه الدائرة، لابد في البداية من تحديد العدو
والعدو هنا هو الجيش المصرائيلي وكل مؤسسات دولة العسكر
سواء أعجبك هذا أم لم يعجبك

هذه المؤسسة العميلة التي تحارب الشعب منذ 69 سنة لن تتوقف عن قمع وإذلال الشعب حتى لو حاولت حضرتك أن تتملقهم أو تحيدهم كما تدعي من خلال خلع لقب شرفاء عليهم كما فعل بعض المحسوبين على المعارضة، ولن يقبلوا من الشعب سوى العبودية الكاملة

وفي النهاية هم عبيد للموساد

إن استطاع الشعب الوصول إلى هذه القناعة سيسقط هؤلاء بلا رجعة

وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ

#آيات_عرابي