الرقص تحت صورة حنتيرة!

لماذا عادى عبد الناصر فيصل ؟
عداء عبد الناصر لفيصل يبدو لمن يبحث أسبابه أمراً غير مفهوم
تبدو فترة عبد الناصر الآن كما لو كانت تتكرر بالحرف مع بعض الاختلافات البسيطة التي املتها التغيرات الإقليمية.

لماذا لم ترسم بريطانيا وفرنسا حدوداً منتظمة تضمن لكل دويلة سيادتها الكوميدية على أرض كل حظيرة من حظائر سايكس بيكو وتركت فخاخاً حدودية بين كل دولة وأخرى ؟
الإجابة على هذه الاسئلة تتكشف تدريبجياً إن بذلت بعض الجهد في النبش خلف الفكر الذي صنع سايكس بيكو.

لا يمكن لدويلة أن تظل دون أعداء كما لا يمكن أن يسمح من انشأوا (ماتريكس) سايكس بيكو بأن تعادي تلك الدويلات, دولة الاحتلال في فلسطين.
فكان لابد من سلاح الإعلام الذي يصور للبسطاء أولاً, وجود عداء مع الكيان الصهيوني كما كان لابد من خلق عداوات بين تلك الدويلات وبعضها البعض, لتظل الشعوب منشغلة بفقاقيع لا تنتهي.

الفرق الوحيد ربما بين حقبة عبد الناصر وفيصل هو أن دور اليمن في الصراع الحالي. فبدلاً من أن تعمل اليمن كمستنقع تغرق فيه أقدام جيش عبد الناصر ليسهل سحقه في 67, أصبحت اليمن مستنقعاً لآل سعود.

فالجيش المصرائيلي يعمل الآن وبشكل صريح وواعي لخدمة الكيان الصهيوني ولم تعد هناك حاجة للتمثيل والحديث عن العدو الصهيوني وهذه المسرحيات.
ومستنقع اليمن, يعمل ببطء و يجتذب أقدام آل سعود ببطء محسوب, وبأيديهم, وقد اعتمد حراس سايكس بيكو على أن تغطس أقدام آل سعود بقراراتهم هم أنفسهم.
فآل سعود هم الذين نسقوا إسقاط حكومة الاصلاح في اليمن بالاتفاق مع الحوثيين. ثم جاءت مرحلة سلمانكو ليبدأ حرباً ضد الحوثيين (الذين نسق معهم شقيقه المقبور) ليحاربهم ولتبدأ ماكينة الدعاية المكونة من المداحين وشيوخ الضلال في الدعاية ضد الخطر الشيعي (وهو حق لا شك فيه, غير أنه اُريد به باطل).

هل سألت نفسك لماذا تحتفظ إيران بعلاقات ممتازة (سرية) مع الكيان الصهيوني ويحتفظ آل سعود بعلاقات ممتازة (سرية) مع الكيان الصهيوني تصل إلى درجة لقاءات بين مديري المخابرات ؟
يمكنك تصور الأمر على النحو التالي, عدة طاولات في مطعم, تتوسطها طاولة هادئة, والكل في الطاولات حول المركز يتشاجر ويحذرون أن يمسوا الطاولة الهادئة في المنتصف.

وضع يشبه كثيراً حالة منى عبد الناصر التي كانت ترقص تحت صورة الزعيم (حنتيرة) ولا تكف عن العثور على الوثائق السرية في جيب الزعيم التي تتحدث عن (تسعود) تيران وصنافير. والزعيم حنتيرة نفسه كان مسموحاً له أن يهدد الكيان الصهيوني ولكنه حين يحارب, يحارب المسلمين في اليمن أو يذبح أسرى المسلمين في مصر. وفيصل نفسه كان يرغي ويزبد عن الصلاة في المسجد الأقصى ويصدقه البسطاء, ولكنه حين يحارب جيش المقبور عبد الناصر.

مسموح للكل أن يتشاجر ويرقص على ألا يمس الطاولة في منتصف المطعم.
وكل هذا تحت مظلة ملهى ليلي كبير يسمى جامعة الجثث العربية, وهي اقرب لنادي قمار يمارس فيه السفهاء العرب هواية الجعجعة ويتناولون العشاء ويلقون البيانات ثم يعود كل منهم إلى الحظيرة التي يقف على بابها.

#آيات_عرابي