يقول د. طه حسين : وصلنا في المحاضرة الماضية إلى موضوع اختلاف الأساليب في القرآن وقررنا أنه ليس على نسق واحد واليوم نوضح الفكرة.
لا شك أن الباحث الناقد والمفكر الحر الذي لا يفرق في نقده بين القرآن وبين أي كتاب أدبي آخر, يلاحظ أن في القرآن أسلوبين متعارضين لا يربط الأول بالثاني صلة ولا علاقة مما يدفعنا إلى الاعتقاد بأن هذا الكتاب قد خضع لظروف مختلفة وتأثر ببيئات متباينة, فمثلاً نرى القسم المكي فيه يمتاز بكل ميزات الأوساط المنحطة كما نشاهد في القسم الثاني المدني اليثربي تلوح عليه إمارات الثقافة والاستنارة فإذا دققتم النظر وجدتم القسم المكي ينفرد بالعنف والقسوة والحدة والغضب والسباب والوعيد والتهديد, ويمتاز كذلك بقطع الفكرة واقتضاب المعاني وقصر الآيات والخلو التام من التشريع والقوانين كما يكثر فيه القسم بالشمس والقمر والنجوم إلى أخر ما هو جدير بالبيئات الجاهلية الساذجة التي تشبه بيئة مكة انحطاطاً.
من جلسة مجلس النواب في 28 مارس 1932
ص (67 – 68) كتاب : طه حسين الجريمة والإدانة
اشهد الا اله الا الله واشهد ان محمدا رسول الله
#آيات_عرابي