فضيحة تسريبات مكالمات ترامب ـ تسريبات (لمحادثاته فائقة السرية)

يبدو ان عام 2020 سيكون نهاية مقاول الأنفار سيء السمعة العنصري ترامب بأي شكل من الأشكال ولكن بعد تنفيذه البقية الباقية من مخططات التوسعات الصهيونية كما قلت من قبل في مقالي (ترامب توسع صهيوني وتصدعات أمريكية ! ومقال الكرملين في البيت الأبيض)

من أحد مهام ترامب كما قلت من قبل كان الاعتراف بالقدس عاصمة (لإسرائيل)
وتبني صفقة القرن ونشر خريطتها (الرتوش النهائية لإنشاء مملكة اسرائيل الكبرى) وفرضها على المنطقة بالحديد والنار وباستخدام الوكلاء المحليون وممارسة البلطجة العلنية في سياسته مع الأنظمة العربية (والتي كشفت العديد من العملاء المحليين)
والموافقة على ضم الضفة الغربية والأغوار لاسرائيل ضمن اتفاق صفقة القرن
والأهم من ذلك هو تقزيم الدور الأمريكي في السياسة الخارجية وتحديدا سحب قوات الجيش الأمريكي من عدة مناطق ملتهبة في العالم.

وفوق كل هذا ان تؤدي سياسته العنصرية الى ارتفاع نغمة العنصرية من جديد في المجتمع مما يؤدي الى تفكيك أمريكا مرة أخرى على غرار ما حدث في الإتحاد السوفيتي وهذا هو سر اتهام البعض له على أن له علاقة بروسيا
فبعد الضجة التي أحدثتها نشر كتاب بولتون المستشار السابق لترامب نشر أمس تحقيقاً مطولا عن هذه التسريبات والتي يبدو منها ان الحزب الجمهوري نفسه بدأ يتململ من ترامب ويريد ان يقفز من مركب المشكلات التي تسبب فيها ترامب ( هكذا تبدو الصورة)

التحقيق الذي نشرته السي ان ان عن التسريبات كاتبه هو صحفي كان ضمن فريق التحقيق الذي كشف فضيحة ووترجيت الشهيرة (أول تعليق)
حيث قام الصحفي كارل بيرنستاين بنشر تحقيق عن مجموعة من المكالمات السرية التي تمت بين ترامب وعدة رؤساء تحت عنوان “من التودد الى بوتين إلى الإساءة الى الحلفاء وتجاهل نصائح مستشاريه, مكالمات ترامب السرية جرس إنذار للمسؤولين الأمريكيين”
كاتب التحقيق استخدم كلمة Pandering وهي كلمة الترجمة المهذبة جدا لها هي كلمة (التودد) كما استخدمتها في ترجمتي للعنوان ولكن الترجمة الحرفية هي (الدعارة والقوادة) أي ان ترامب يتودد مستخدما اسلوب القواد أو الداعر (سياسياً) حين يتحدث لبوتين

كاتب المقال أشار الى ان ترامب كان يتجاوز في محادثاته مع رؤساء أقوياء مثل بوتين وأردوغان وكان يسئ في مكالماته لحلفاء امريكا الرئيسيين مما أدى الى اقتناع بعض كبار المسؤولين في الحكومة الأمريكية بما فيهم وزيري الخارجية والدفاع السابقين ومستشارا الأمن القومي ورئيس الأركان بأن ترامب يشكل خطراً كبيرا على الأمن القومي الأمريكي (وفقاً للبيت الأبيض ومسؤولي المخابرات المطلعين على محتوى هذه المحادثات)

وأشار الكاتب أيضا الى أن محتوى هذه المكالمات هي التي دعت كبار نواب ترامب السابقين بما فيهم مستشارو الأمن القومي (ماكماستر وجون بولتون) ووزير الدفاع ( جيمس ماتيس) ووزير الخارجية ( ريكس تيلرسون) ورئيس موظفي البيت الأبيض (جون كيلي) وكذلك مسؤولي المخابرات الى الاستنتاج بأن غالبا ما كان يبدو على ترامب التحدث بطريقة وهمية مع هؤلاء القادة (حسب مصدرين مقربين منه)
وأضاف أنه مع مرور الوقت وحسب المصادر أيضا اعتقدوا ان ترامب يمكن ان يتغير ويتعامل بذكاء مع الأخرين ولكنه استمر في عملية (لي الذراع مع الحلفاء والإساءة لهم) (حسب المصادر)

وقالت التسريبات إن احترام ترامب بشكل مبالغ فيه خلال المكالمات بينهما، جعل الخوف يدب بين الإدارة الأمريكية، وخاصة مع وجود تقارير حول مساعدة روسيا لحركة طالبان في استهداف الجنود الأمريكيين.

وأشارت التسريبات إلى اعتياد ترامب على مضايقة عدد من حلفاء امريكا، وخاصة المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، التي وصفها بالغبية، ورئيسة وزراء بريطانيا السابقة تيريزا ماي التي وصفها بالضعف وافتقاد الشجاعة في التعامل مع البريكست.
وأضاف الكاتب أن ترامب اعتاد خلال مكالمته مع بوتين وأردوغان، في الحديث بشكل سيئ عن الرؤساء السابقين أوباما وبوش الابن.

وذكرت التسريبات أن ترامب مارس التنمر ضد عدد من القادة الآخرين مثل الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، ورئيس وزراء كندا جاستن ترودو، وغيرهم، حيث ناقشهم بطريقة مليئة بالعدوانية والعداء.

كما كشفت التسريبات عن أن أكثر رؤساء العالم حديثا (هاتفيا) مع ترامب، هما أردوغان و ايمانويل ماكرون الرئيس الفرنسي.

وأخيرا أشارت التسريبات الى علاقة ترامب المتينة بأردوغان حيث كان مسموحا له التحدث هاتفيا بشكل مباشر مع ترامب وأنه أحيانا كان يتحدث مرتين في الأسبوع (لدرجة ان بعض مساعدي ترامب في البيت الأبيض أصبحوا متأكدين ان أجهزة الأمن التركية تستخدم جدول مواعيد ترامب ومكانه لتزويد أردوغان بمعلومات متى سيكون ترامب متاحاً لإجراء مكالمة) وقالت التسريبات أن أردوغان اتصل به مرة وهو في ملعب الجولف.

وأوضح التحقيق مدى جهل وضحالة معلومات ترامب السياسية خاصة بتاريخ النزاعات في الشرق الأوسط وخاصة في الشأن السوري وكان لا يستطيع مجاراة اردوغان في النقاشات السياسية حول الشأن السوري.

يبدو انه بعد هذا التحقيق عن محادثات ترامب السرية والتي نشرها بولتون في كتابه وفضائح ترامب المتنوعة التي نشرت في هذا الكتاب وبعد شهادة رئيس المباحث الفيدرالية المُقال جيمس كومي عن التحقيق مع فلين مستشار الأمن القومي السابق وطلب ترامب وقف التحقيق والتحقيق الآخر عن علاقة ترامب بروسيا, منذ مدة طويلة وهجوم الإعلام عليه هنا في امريكا ان ترامب أصبح عبئاً حتى على حزبه و اصبحت احتمالات اجراء عزل لترامب غير مستبعدة أو استقالته على أحسن تقدير وبعده عن الحياة السياسية تماماً ولكن كما قلت من قبل بعد أن يُنهي المهام التي جاء بها على أجندته كما وضحت في بداية مقالي.

ما يحدث مع ترامب يشبه بشكل كبير جدا ما حدث مع نيكسون
الفرق بين عزل ترامب (إذا حدث ولا أظن أن يحدث) وعزل نكسون هو أن عزل نكسون جاء لمساس نكسون بطرق العمل المؤسسي بينما يمثل وصول ترامب نفسه للبيت الأبيض علامة على ضعف المؤسسات في أمريكا, أي أن عزل نكسون كان علامة صحة المؤسسات بينما وصول ترامب نفسه وطبيعة التحقيقات التي تدور حوله والتسريبات تكشف عن وهن مؤسسي وأزمة داخل الحزب الجمهوري نفسه الذي فضل في الآونة الأخيرة أن يقفز من مركب ترامب قبل أن يغرقهم ويغرق أمريكا معهم.

#آيات_عرابي