آيات عرابي تكتب| قيس سعيد يقول أنه سيعيد العلاقات مع بشار!

هذا الحديث عن اسقاط الدولة في سوريا أي انه يقف مع بشار او مع نظام بشار حتى لو لم يقل هذا صراحة .. هذا الحديث هو حديث الثورة المضادة وهو مع ذلك يقدم نفسه كداعم للتغيير في تونس .. هذا الخطاب القومي العلماني الداعم للانظمة مزدوج اللهجة لا يمكن فهمه الا في سياق الانتخابات ومحاولة حصد الأصوات 

قيس سعيد شخص علماني حتى النخاع 

هو جزء من النظام التونسي العلماني البورقيبي وغير متمرد عليه بالمرة 

هو (قطعة تحسينية) ان جاز التعبير 

للرجل تصريح سيعجب من يسمعه لأول وهلة قال فيه : ان المثليين يتلقون اموالا من الغرب لنشر المثلية في تونس وان المثلية هذه أمر شخصي ولا يجب اخذها الى الحيز العام 

وللوهلة الاولى اعجب هذا التصريح, المحافظين التونسيين واثار حفيظة جمعية المثليين التونسية التي هاجمته 

لكن لو تمعنت في التصريح لوجدت الرجل يوافق على المثلية باعتبارها حرية شخصية ويقول للمثليين احتفظوا بحياتكم الشخصية ولا تجعلوا منها شأنا عاما 

هذا كلام شخص لا علاقة له بالإسلام لا من قريب ولا من بعيد شخص شديد العلمانية 

لكنه في الوقت نفسه كلام خادع إذ انه يبدو براقا ويعجب البسطاء كثيرا 

هذا التصريح الذي جاء قبل شهور يمكن القول انه رفع شعبية قيس سعيد 

مسألة أخرى هي موضوع النزاهة المالية, وأنه لن ينفق على حملته الانتخابية وهذا مما اعجب التونسيين, وهكذا ظهر قيس سعيد بمظهر النزيه أمام التونسيين 

هذه أساليب تسويق بارعة وخبيثة أكثر من اللازم 

تكلمت عن كتاب (التلاعب في التصويت) عن طريق التصويت الإلكتروني في أمريكا والكتاب ممتاز ويستحق القراءة وباختصار فمسألة ان الشعوب تختار هي أسطورة غير حقيقية 

الانتخابات تتعرض للتلاعب وتوجيه النتائج مسبقا في امريكا فما بالكم بدول العالم الثالث التي تحكمها أجهزة المخابرات الغربية 

ربما كان هناك من يوجهون الشعوب بهذه الأساليب التسويقية الخبيثة التي لا يفطن اليها البسطاء لكن المسألة في النهاية يحسبها التلاعب والنتائج محددة مسبقا 

(المخابرات الأمريكية استطاعت انجاح مرشحها في الانتخابات الايطالية باساليب في منتهى البساطة سنة 1948) 

قيس سعيد هو حل المعادلة المرتبكة في تونس 

فمن خططوا لهذه النتائج أرادوا ان يفوز إسلاميو تونس بنسبة ضئيلة جدا وهم في هذا يستجيبون لصدى الشارع الذي يعزف عن النهضة والغنوشي 

وفي الوقت ذاته هناك فترة راحة لابد ان يمر بها الشارع التونسي بعد نظام السبسي المنتمي لحقبة بن علي والذي دعمته الامارات 

فكانت الإجابة في شخص له خطاب محافظ (يمكنه ان يلفت انتباه أنظار مغفلي الجماعات الاسلامية) وفي الوقت نفس علماني بورقيبي منتمي للاسس العلمانية التونسية ولا يخرج عنها 

قيس سعيد هو قنطرة بين النظام العلماني (وهو مشبع تماما بفكرة الدولة ومؤسسات الدولة) والاسلاميين وهو مريح لانه يوفر تعقيدات وجود الإسلاميين في المشهد .. هو شخص مرضي لجميع الاذواق 

وهذا من عبقرية من يهندسون هذه الألعاب 

النقطة الأكثر أهمية 

هي ان تونس هي بوصلة مصر 

ومن يهندسون هذه النتائج ويمارسون هذه الألاعيب 

ينقلون التجربة التونسية الى مصر نفسيا اولا 

فهذا هو الوضع المطلوب الوصول اليه بعد مرحلة السيسي (والذي ستنتهي ان شاء الله بعد قليل فقد قاربت مهمته على الانتهاء واي قراءة سياسية سليمة لابد ان توصل الى هذه النتيجة) 

وهو وضع يتراجع فيه الاخوان المسلمين الى نسب تمثيلة ضئيلة (بعد استيعابهم في مرحلة ما بعد السيسي) ويزول فيه (سبسي مصر) او السيسي ليحل محله شخص محافظ من نوعية مفيد ابي الغار في مسلسل فضة المعداوي يحدث الناس عن النزاهة ويمثل مرحلة انتقالية (ربما جاء هذا بعد مرحلة انتقالية قصيرة) 

لهذا السيسي لا يشعر بالراحة تجاه قيس سعيد .. لأن مجيء شخص كهذا معناه تغير مكونات الصورة في تونس والتي هي كما قلت بوصلة مصر والسيسي لديه كل الأسباب التي تدعوه للشعور بالقلق 

المهم بعيدا عن كل هذا ان هذه المشاهد هي مما يشعر الشعوب بالسعادة 

فدعائي لهم بدوام السعادة 😃